للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فريضته، والخامسة نافلة، ويضيف إليها سادسة.

قال الخطابي: «لا تخلو صلاة النبي من أن يكون قعد منها في الرابعة، أو لم يكن قعد، فإن كان قعد فيها فإنه لم يضف إليها السادسة، وإن كان قعد في الرابعة فإنه لم يستأنف، فاتباع الحديث على الأحوال كلها أولى» (١).

والظاهر أن النبي لم يقعد للتشهد؛ ولهذا سئل الإمام أحمد كما في مسائل حرب الكرماني: عن حديث ابن مسعود (صلى الظهر خمسًا) «قلت: جلس في الرابعة؟ قال: ليس في الحديث» (٢).

ولأن المصلي يقوم إلى الخامسة، وهو يتوهم أنه قام من الثالثة، والثالثة لا قعود فيها.

ولأنه لو فعل كما يقول الحنفية لكان الرسول زاد ركعة وتشهدًا بعد الخامسة، والراوي لم يذكر إلا أنه زاد خامسة، فافتراض الحنفية خلاف ظاهر الحديث.

ودعوى أن النبي لم يأخذ بالأفضل، حيث لم يضف إليها سادسة، هذا توهم من قائله، فالنبي يصلي بالناس، والمصلي بالناس يفعل ما فيه الأفضل لهم، فلو كان النبي يصلي لنفسه ما ترك الأفضل، فكيف إذا كان يصلي بالناس؟ ولو كانت الحالة تتكرر لقيل: لعله أراد أن يبين الجواز، فكيف وحالات السهو المنقولة هي حالات معدودة، عارضة.

وإذا لم يثبت عن النبي ، لا في سنته الفعلية، ولا في سنته القولية إضافة ركعة سادسة متعمدًا، لم تشرع زيادة الركعة؛ لأن العبادات توقيفية، والأصل فيها المنع، فمن زاد ركعة سادسة متعمدًا بطلت فريضته مطلقًا، سواء أكان قد جلس مقدار التشهد أم لا، لأنه إن عذر في زيادته للخامسة بسبب السهو، لم يعذر في تعمد زيادة السادسة.

• وأجاب الحنفية:

قالوا: إن قول الراوي (صلى الظهر) والظهر اسم لجميع أركان الصلاة، ومنها القعدة، وهو الظاهر، فإنما قام إلى الخامسة على تقدير أنها هي القعدة الأولى حملًا لفعل رسول الله على ما هو أقرب إلى الصواب، وكونه لم يضف إليها أخرى، دليل الجواز، والأفضل أن يضيف إليها، فإن لم يفعل لم تبطل صلاته (٣).


(١) أعلام الحديث (١/ ٦٥٤).
(٢) مسائل حرب الكرماني، ت السريع (ص: ٤٦٢).
(٣) انظر: المبسوط (١/ ٢٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>