للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

والشفع، فاغتفر الشفع لاحتمال حاجة الصلاة إلى الجبران، وإضافة ركعة سادسة بسجدتيها متعمدًا لا تردد فيها حتى يغتفر الشفع، فلو أن المصلي سها فصلى الرباعية ثلاثًا كان عليه الإتيان بركعة ليتم فرضه، فإذا سجد للسهو، بعد ذلك، فلو كانت السجدتان بمثابة ركعة كاملة لكان ذلك زيادة في صلاته، وتحولت صلاته إلى خمس ركعات، فاعتبار السجدتين شفعًا مقصور على حال واحدة: إذا شك، وطرح الشك، وبنى على اليقين، وحصل تردد في السجدتين بين الجبران والشفع، فيغتفر الشفع لاحتمال حاجة الصلاة إلى الجبران، فلم يصح تخريج الزيادة على هذه الحالة، والله أعلم.

القول الثاني:

قال الثوري: «من صلى الظهر خمسًا، ولم يجلس في رابعة، أحب إلي أن يعيد» (١).

فجعل الإعادة مستحبة، ولعله بسبب وقوع التشهد في الركعة الخامسة، والفصل بين التشهد وبين الركعة الرابعة، واستحباب إعادة الصلاة بسبب السهو قول ضعيف جدًّا، وهذا الاستحسان مخالف للسنة، فالنبي صلى خمسًا، والظاهر أنه لم يجلس في الرابعة، ولم يعد النبي الصلاة، وخير الهدي هدي محمد ، وقد عقدت فصلًا خاصًا في حكم إعادة الصلاة بسبب السهو، وبينت أن الإعادة غير مشروعة.

القول الثالث:

اختار الجمهور: أن المصلي إذا قام إلى ركعة زائدة، فإن لم يذكر إلا بعد فراغه من الصلاة فإنه يسجد للسهو، ويسلم، وإن ذكر، وهو في الصلاة رجع في الحال، سواء سجد في الخامسة، أو لم يسجد، وتشهد -إن لم يكن تشهد- وسلَّم، على خلاف بينهم في موضع سجود السهو.

فقال المالكية والقديم من قول الشافعي: يسجد للسهو بعد السلام، وهو رواية عن أحمد (٢).


(١) الأوسط لابن المنذر (٣/ ٢٩٣)، معالم السنن (١/ ٢٣٦)، بحر المذهب للروياني (٢/ ١٤٩).
(٢) قال القاضي عبد الوهاب المالكي في عيون المسائل (ص: ١٢٨): «عند مالك إذا سها المصلِّي، فقام إلى خامسة، وذكر ذلك في أثنائها جلس، ولم يتمها، وتشهد وسلم، فإن لم
يذكر إلا بعد فراغه، فإنّه يسلم، ويسجد».
وقال في التفريع (١/ ٩٥): «وإن زاد فيها ساهيًا سجد بعد السلام».
وانظر: شرح التلقين (٢/ ٦١٤، ٣٠٦)، الجامع لمسائل المدونة (٢/ ٨٠٢)، عيون الأدلة لابن القصار (١/ ٢٤١)، عقد الجواهر الثمينة (١/ ١٢٦)، الأم للشافعي (٧/ ١٩٤)، روضة الطالبين (١/ ٣٠٦)، المجموع (٤/ ١٣٩)، التعليقة للقاضي حسين (٢/ ٨٧٧)، الحاوي الكبير (٢/ ٢١٦)، المسائل الفقهية من كتاب الروايتين والوجهين (١/ ١٤٧، ١٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>