ولأن تركها لا يبطل الصلاة، لذلك جعلنا سجود السهو من قبيل المباح، فما كان تركه عمدًا لا يؤثر في الصلاة، كان مخيرًا بين تعويضه بسجود السهو، وبين ترك السجود، وهذا هو المباح.
• ويناقش:
الأصل في سجود السهو أن يكون مشروعًا، ولا يقال لعبادة إنها مباحة إلا إذا ثبت فعلها، وتعذر حملها على المشروعية، كما في حال الرجل الذي كان يقرأ في الصلاة، ويختم قراءته بسورة الإخلاص، فقد أقره النبي ﷺ على الفعل، وكان ممكن أن يكون الفعل مشروعًا لولا أن النبي ﷺ لم يعملها في حياته، ولو مرة واحدة، وهو أكمل من هذا الصحابي في محبة صفة الرحمن، ولم يأمر أمته بفعلها، فكان هذا مانعًا من حمل الإقرار على المشروعية، فجعل من العبادة المباحة، ومثل هذا لا يوجد في السجود لترك السنن، فكيف يقال: السجود لترك السنة مباح، ولا يؤثر نص، ولا إقرار على السجود، خاصة أن التشهد عند الحنابلة واجب، وهو السنة الوحيدة التي حفظ فيها السجود لتركها سهوًا.
فالقول بالإباحة يحتاج إلى ثبوت السجود لترك السنة، وتعذر حمله على المشروعية، فينقل الحكم من المشروعية إلى الإباحة، وهذا الذي لم يثبت وفق مذهب الحنابلة، والله أعلم.
• دليل من قال: إذا ترك ثلاث سنن وجب السجود:
لا أعلم دليلًا من النصوص يوجب سجود السهو لترك سنة، كما لا أعلم من النصوص التفريق بين السهو الواحد، وبين غيره إذا تكرر، فما يوجبه السهو الواحد هو ما يوجبه السهو إذا تكرر، وهو مخالف للقواعد، كيف يرتب بطلان الصلاة على ترك ما ليس بواجب؟
والمالكية في المشهور في المذهب أن سجود السهو سنة مطلقًا، فكيف إذا ترتب عن ثلاث سنن تحول إلى واجب تبطل الصلاة بتركها عمدًا، ويجب السجود لتركها سهوًا، والذي يهمنا أن نذكر دليلهم بصرف النظر عن رجحان القول من عدمه، فإن هذا يختلف بين المجتهدين.