للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

السجود للسهو دليلًا على وجوبه.

والقول بسنية التشهد الأول وجلسته هو المذهب عند المالكية والشافعية، واختار ذلك الكرخي والطحاوي من الحنفية، وهو رواية عن أحمد (١).

الوجه الثاني:

سلمنا أن التشهد الأول من السنن، فالفقهاء في غير التشهد الأول وجلسته لا يتفقون على السنن التي تلحق بالتشهد، فجميع السنن التي ألحقها الشافعية بالتشهد، لا تتفق مع السنن التي ألحقها المالكية به، مما يدل على أحد ثلاثة احتمالات:

إما على ضعف القول بسنية التشهد، وهذا الاحتمال مدفوع لأن القول بالسنية أقوى من القول بالوجوب.

وإما أن يقال بعدم التفريق بين السنن، فإذا ترك سنة من سنن الصلاة سجد لها، لا فرق بين السنن المؤكدة والفضائل خلافًا للمالكية، ولا بين الأبعاض والهيئات خلافًا للشافعية، ولا بين السنن القولية والفعلية خلافًا لقول عند الحنابلة؛ لأنه ليس عندنا نص من الشارع، إلا القول بالقياس على التشهد، وهذا توسع لو قيل به لا يمكن الاحتراز من سجود السهو، فلو شرع لم تخل صلاة من سجود في الغالب، فما أكثر السنن، وما أكثر ما يترك منها، والسهو المحفوظ من فعل النبي أفعال يسيرة جدًّا عرضت له في حياته .

وقد كان شيخنا ابن عثيمين يقول تبعًا لشيخه ابن سعدي: لا يسجد إلا إذا ترك سنة من عادته أن يأتي بها، كما لو كان من عادته أن يسبح ثلاثًا، فسبح واحدة، سجد للسهو، وينظر: أهذا قول جديد فيتحفظ منه، أم قول ملفق فيقبل على قول؟.

وهذا الشرط ليس عليه نص، ويجعل المحكم ليس عائدًا إلى ذات المتروك هل هو سنة مؤكدة أم لا، وإنما لعادة المصلي في الصلوات الأخرى، فإذا كان من عادته المواظبة على السنة، ولو كانت سنة خفيفة، كما لو ترك رفع اليدين، أو الإشارة بالأصبع


(١) قد بحثت خلاف الفقهاء، مع بيان الراجح في حكم التشهد الأول، راجع كتابي الجامع في أحكام صفة الصلاة من الخروج إليها حتى الانصراف منها (٤/ ٤٧٢).
وهو في المجلد العاشر من هذا الكتاب (ص: ٤٧٢)، فأغنى ذلك عن إعادة بحثه، والحمد لله.

<<  <  ج: ص:  >  >>