للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

سعيد، عن الأعرج،

عن عبد الله بن بحينة ، أنه قال: إن رسول الله قام من اثنتين من الظهر لم يجلس بينهما، فلما قضى صلاته سجد سجدتين، ثم سلم بعد ذلك (١).

• الاستدلال به من وجهين:

الوجه الأول: أن النبي لم يرجع إلى التشهد، ولو كان ذلك مشروعًا لرجع إليه النبي ؛ لما فيه من إصلاح صلاته، فدلَّ ذلك على فواته بالانتصاب قائمًا.

الوجه الثاني: قول النبي : صلوا كما رأيتموني أصلي.

رواه البخاري ومسلم من طريق أيوب، عن أبي قلابة، عن مالك بن الحويرث (٢).

• ويناقش:

بأن هذا الحديث من السنة الفعلية، والفعل المجرد لا يدل على الوجوب، فالقول بتحريم العود يفتقر إلى نهي صريح، هذا من جهة؛ ولأن النبي لم يبين بعد انصرافه من الصلاة أن الرجوع للتشهد لا يصح، فبقي الحديث سنة فعلية، وفي دلالته على الاستحباب نظر؛ لأننا لا ندري متى تذكر النبي أنه قد ترك التشهد، أقبل شروعه في القراءة، أم بعد شروعه فيها؟

فإن كان قد تذكر ذلك قبل شروعه في القراءة كان فيه دليل على استحباب عدم الرجوع؛ لأن الترك سنة كالفعل.

وإن كان لم يرجع؛ لأنه تذكر ذلك بعد شروعه في القراءة لم يكن الحديث نصًا في مسألة البحث، ولم يكشف حديث ابن بحينة وقت التذكر، خاصة أن الصحابة لم يسبحوا بالنبي حين نهض للقيام، فوجب النظر في دليل آخر يدل على ترك الرجوع بمجرد الانتصاب، وقبل القراءة، والله أعلم.

وأما الاستدلال على الوجوب بالجمع بين فعل النبي ، وبين قوله: (صلوا كما رأيتموني أصلي) ليخرج الحكم دليلًا على الوجوب مركبًا من دليلين، فهذا المنزع ضعيف الدلالة، فصلاة النبي مشتملة على سنن وفروض، ولم تكن


(١) صحيح البخاري (١٢٢٥)، وصحيح مسلم (٨٧ - ٥٧٠).
(٢) صحيح البخاري (٦٣١)، وصحيح مسلم (٢٩٢ - ٦٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>