دخل منزله، ثم خرج، وبنى على ما صلى، ثم سجد للسهو، فكيف يعتبر الخروج من المسجد مانعًا من البناء، وقد ألغاه الشارع.
الثاني: أن المساجد قد تتفاوت، فهناك الجامع الكبير الذي قد يستغرق الخروج منه زمنًا طويلًا، كالمسجد الحرام، والحرم النبوي، وبعض الجوامع الكبيرة في حواضر البلاد الإسلامية، وهناك مساجد ذات مساحة صغيرة، قد لا تستوعب أكثر من صف واحد أو صفين، وقد يصلي الرجل قريبًا من الباب، فلا يجعل مجرد الخروج قاطعًا من البناء، لهذا كان التحديد بالوقت في طول الفصل وقربه أظهر، وأضبط.
الدليل الثالث:
الخروج من المسجد فيه إعراض عن الصلاة، والإعراض يمنع من البناء.
• ويناقش:
بأنه إنما خرج من المسجد لاعتقاده تمام صلاته، فلا تأثير للإعراض، كما أنه حين سلم من صلاته قصد الانصراف منها، والإعراض عنها، ولم يقطع مثل ذلك الموالاة، فكذلك الخروج من المسجد.
الدليل الرابع:
مكان الصلاة معتبر في الشرع، لهذا اعتبر المكان في بقاء خيار المجلس، فلا يلزم البيع ما دام البائع والمشتري في مكان واحد، ولو طال المقام، فإذا فارق أحدهما المجلس لزم البيع، وانقطع الخيار، فكذلك لا يقطع الموالاة والبناء على أفعال الصلاة ما دام المصلي في المسجد؛ لأنه محل الصلاة، فاعتبرت فيه المدة، كخيار المجلس.
• ويناقش من وجهين:
الوجه الأول:
أن القياس على خيار المجلس من قياس الشبه، وليس من قياس العلة، وكثير من أهل العلم على عدم اعتبار مثل هذا القياس، ولهذا أخطأ بعض العلماء حين قاس المذي على المني؛ لوجود الشبه بينهما، وارتباط كل واحد منهما باللذة، سواء من قال بنجاسة المني، أو قال بطهارة المذي؛ لشبه كل واحد منهما بالآخر.