للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

حتى دخل منزله ، ثم مشيه حتى خرج منه إلى أن وقف في الصف كل هذه الأفعال لم تمنع من البناء، مع أن الواحد منها منافٍ للصلاة، فكيف إذا اجتمعت؟! فكذلك لا يمنع من البناء طول الفصل بجامع العذر، ما لم ينتقض وضوؤه؛ لأن بطلان الطهارة بطلان للصلاة على الصحيح.

قال ابن رجب: «في حديث عمران بن حصين ما يدل على البناء مع طول الفصل» (١).

• ونوقش هذا:

لا نسلم أن الفاصل في حديث عمران فاصل طويل، بدليل أن الناس لم يتفرقوا من مصلاهم، وليس هذا تحديدًا بالمكان، فالخروج نفسه من المسجد غير مؤثر على الصحيح إذا قرب الفاصل، ولكن تفرق جماعة المصلين عادة يكون علامة على طول الفصل، ولهذا لم يتفرق الناس في حديث أبي هريرة في قصة ذي اليدين، ولا في حديث عمران مما يدل على قرب الفاصل، ولهذا بنى النبي على صلاته في الواقعتين، فالحوار الذي دار بين النبي وأصحابه في حديث أبي هريرة لا يخرج عن جملتين أو ثلاث (أحقًا ما يقول ذو اليدين، قالوا: نعم) فهو ليس يسيرًا، بل يسير جدًّا، وفي حديث عمران بن الحصين كان الفاصل أطول، ولكن بيت النبي كان بجوار المسجد، وما بين الروضة وحجرات النبي ليس بالبعيد، فالذي يظهر أن النبي كان قد بادر بالخروج من المسجد؛ لأنه لو مكث مكانه لاستوثق الصحابة من سهو النبي قبل أن يقوم، ولكن حال دون ذلك -والله أعلم- مبادرة النبي بالخروج من مسجده قبل أن يستوثق الصحابة من وقوع السهو من النبي حتى إذا استوثقوا من حصول السهو بمراجعة بعضهم لبعض طرقوا على النبي بابه، فأخبروه، فمثله لا يخرج عن حد اليسير، والله أعلم.

الدليل الثاني:

أن تحديد الفاصل سواء أكان بالمكان كالخروج من المسجد، أم بالزمان


(١) فتح الباري لابن رجب (٩/ ٤١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>