للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ومسألة الخلاف في ركنية التشهد قد ذكرت أدلتها في مبحث مستقل في المجلد العاشر، فانظره هناك يا رعاك الله (١).

وأما مسألة تدارك الركن إذا وقع سهوًا في الصلاة فقد ذكرت أدلتها في مسألة إذا ترك ركنًا من أركان الصلاة وتذكره وهو في الصلاة في هذا المجلد، فارجع إليه منعًا للتكرار، وفقت للهدى والرشاد.

• الراجح من الخلاف:

سبق أن رجحت أن التشهد سنة، لا فرق فيه بين الأول والأخير، وذكرت الأدلة على عدم وجوبه، وقد ثبت تعويض التشهد الأول بسجود السهو، فالتشهد الأخير مثله، فإذا ترك التشهد سهوًا شُرِعَ له سجود السهو.

فإن ترك التشهد عمدًا، أو سهوًا، أو ترك سجو السهو عمدًا أو سهوًا فصلاته صحيحة؛ لأن السهو لا يمكن أن يكون واجبًا، وهو بدل عن مستحب، فالبدل له حكم المبدل، والله أعلم.

وأَعْلمُ أن هذا القول مخالف لما عليه الفتوى في بلادي، وأتفهم استغراب بعض طلبة العلم من هذا الترجيح؛ لأن طالب العلم الذي تفقه على أصول وقواعد مذهب معين إذا حاول أن يفهم الأقوال الأخرى بحسب ما درسه وألفه من أصول وقواعد مذهبه كان موضع استغراب، ولا يَعْلمُ سبب دهشته واستغرابه، وربما حكم على القول الصحيح بالشذوذ والغرابة معتقدًا أنه يتبع القول الصحيح، ولا يمكن أن يدفع هذا الاستغراب حتى ينعتق من إلفه الذي نشأ عليه منذ طلبه للعلم، ولا يحاول فهم الأقوال في المذاهب الأخرى بمقتضى أصول وقواعد مذهب البقعة التي نشأ فيها، وما عليه الفتاوى في بلده، بل عليه أن يعرف أقوال وأدلة المذاهب الأخرى بحسب أصول تلك المذاهب، ليقارنها مع ما تعلمه من قواعد مذهبه، فيتحرر له الراجح منها، فإذا استطاع ذلك بتوفيق الله استطاع أن يدفع الاستغراب والدهشة،


(١) انظر من هذا الكتاب (١٠/ ٤٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>