الطويل يضر بها، ولا يمكن أن يتصور أن المصلي يصلي من الظهر ركعتين ثم يتذكر ذلك بعد شهر، فيتم صلاته، والقول باشتراط الموالاة بين أفعال الصلاة هو قول الأئمة الأربعة على خلاف بينهم فيما يقطع الموالاة، أهو مقدر بالزمن كطول الفصل وهو قول المالكية والشافعية والحنابلة، أم هو مقدر بالمكان كالخروج من المسجد وهو قول الحنفية، أم يعتبر كل من الطول والخروج قاطعًا للموالاة.
وإن كان المقصود من الاعتراض التحديد بالعرف، وأن الفاصل الطويل يضر بالبناء، ولكن يقدر بغير العرف، كالتحديد بالركعة مثلًا، أو بغيره من الأقوال التي قيلت في المسألة، فالأمر خفيف، والتحديد بالعرف هو قول الأكثر، وهو المتفق مع القواعد الفقهية.
الاعتراض الثاني: قد استحسن بعضهم بأن العرف لا مرجع له في العبادات المحضة، وإنما يرجع فيه إلى أمور الناس في معاشهم، وأحوال دنياهم.
قال تعالى: ﴿وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [البقرة: ٢٣٣].
وقال تعالى: ﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾. [النساء: ١٩].
التحديد بالعرف هو قول أكثر أهل العلم، كالمالكية والشافعية والحنابلة من غير فرق بين الأمور التعبدية والدنيوية في هذه المسألة وفي غيرها من المسائل.
فإذا انكشف يسير العورة في الصلاة، فقال الحنفية والحنابلة: الانكشاف اليسير في الزمن الكثير لا يبطل الصلاة، وكذا الكثير في الزمن اليسير، واليسير عند الحنابلة: هو الذي لا يفحش في النظر عرفًا، والكثير عكسه؛ لأن كل ما لم يحدد في الشرع، فالمرجع فيه إلى العرف.
والعفو عن يسير النجاسة، والعفو عن الحركة اليسيرة في الصلاة، وكل ذلك لم يأت تحديده في الشرع، فمرده إلى العرف، وهو متعلق بالعبادات.