للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

أركان الإسلام القصر والفطر، فكيف يتصور أن الناس لا ينضبطون في التفريق بين الزمن الطويل والقصير، وإن حصل اختلاف مع ندرته فيمكن الأخذ بالاحتياط، فالأصل أنه قصير ما دام الناس لم يتفرقوا من مكان الصلاة؛ لأن مكث الناس في مصلاهم بعد الصلاة لا يطول عادة، فهناك السرعان ممن يبادر بالخروج بمجرد السلام، وهؤلاء لا يعتبر خروجهم فاصلًا قطعًا، وهناك الأكثر ممن ينتظر قليلًا بمقدار الأذكار، وهذا المقدار يسير، والقليل من الناس من يطول مكثه في مصلاه بعد الصلاة، فما دام الناس ما زالوا في مصلاهم فهو أمارة على قصر الفاصل، وليس هذا تحديدًا بالمكان، فالخروج نفسه من المسجد غير مؤثر على الصحيح إذا قرب الفاصل، ولكن تفرق جماعة المصلين عادة يكون علامة على طول الفصل، ولهذا لم يتفرق الناس في حديث أبي هريرة في قصة ذي اليدين، ولا في حديث عمران مما يدل على قرب الفاصل، ولهذا بنى النبي على صلاته، فالحوار الذي دار بين النبي وأصحابه في حديث أبي هريرة لا يخرج عن جملتين أو ثلاث (أحقًا ما يقول ذو اليدين، قالوا: نعم) فهو ليس يسيرًا بل يسير جدًّا، وفي حديث عمران بن الحصين كان الفاصل أطول، ولكن بيت النبي كان مجاورًا للمسجد وكان المسجد ليس بالكبير، فالذي يظهر أن النبي كان قد بادر بالخروج من الصلاة، لأنه لو مكث مكانه لاستوثق الصحابة من سهو النبي قبل أن يقوم، ولكن حال دون ذلك والله أعلم مبادرة النبي بالخروج من صلاته قبل أن يتوثق الصحابة من وقوع السهو من النبي حتى إذا استوثقوا من حصول السهو بمراجعة بعضهم لبعض طرقوا على النبي بابه فأخبروه، فمثله لا يخرج عن حد اليسير، والله أعلم.

الوجه الثاني:

أن الاعتراض على التحديد بالطول إن كان المقصود منه القول بالبناء مطلقًا، وأن الموالاة بين أفعال الصلاة ليست شرطًا، أو هي شرط يسقط بالعذر، فهذا القول ضعيف جدًّا، فالصلاة عبادة واحدة، يبنى بعضها على بعض، والتفريق

<<  <  ج: ص:  >  >>