للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

سجدة منها (١)، وعند الحنابلة: لكون السجود واجبًا فيها.

وأما البعدي فلا تبطل الصلاة بتركه عند المالكية؛ لكونه سنة، ولانفكاكه عن الصلاة.

وعند الحنابلة؛ لأنه واجب للعبادة كالأذان فرقًا بينه وبين الواجب فيها.

الدليل الثاني:

أن السجود بعد السلام قد ترتب عن زيادة، فكان السجود ترغيمًا للشيطان، فهو يتضمن صحتها، وانتفاء الفساد عنها، بخلاف السجود قبل السلام فقد ترتب عن نقص، فكان جابرًا للخلل الحاصل فيها.

• ونوقش هذا:

التسليم من الصلاة قبل السجود البعدي إنما أبيح بشرط أن يسجد سجدتي السهو، فإذا لم يسجدهما لم يبح له الخروج من الصلاة، فيكون قد سلم من الصلاة سلامًا لم يؤمر به، فإذا ترك سجود السهو بطلت صلاته على القول بوجوب السجود.

ولأن سجود السهو قبليًّا كان أو بعديًّا موجبه شيء واحد، وهو السهو، فلا وجه للتفريق بين السجود القبلي والبعدي، فوقوعه داخل الصلاة لا يعني أنه جزء من ماهيتها بمنزلة السجدة التي في صلب الصلاة، بل هو أشبه بسجود التلاوة يقع خارج الصلاة وداخلها، ولا يعد جزءًا من الماهية، وسجوده بعد السلام لا يعني انفصاله عنها كانفصال سنة الصلاة البعدية والتي يشترط لدخول وقتها الفراغ من الصلاة المكتوبة إلا أنها مستقلة بنفسها، بل يشترط لسجود السهو البعدي موالاته للصلاة بدليل أنه تشترط له الطهارة، ويبطل بتعمد الضحك والحدث قبل فعله في الأصح، ويفتتح بالتكبير، ويتحلل منه بالتسليم، فسجود السهو القبلي والبعدي قدر زائد على ماهية الصلاة يفعله المصلي إذا وجد مقتضيه، وهو السهو؛ وهو بهذا الوصف حقيقته واحدة، يتحقق فعله سواء أوقعه المصلي داخل الصلاة أم أوقعه خارجها متصلًا بها، أما الحكم عليه بأنه جزء من الصلاة إن وجد داخلها، وأجنبي عنها إن وجد خارجها، وأن حقيقته مختلفة لاختلاف محله، مع أن موجبه واحد وهو السهو، حتى صححه


(١) حاشية الدسوقي (١/ ٢٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>