المسبب بالسبب، فلا يفصل المسبب عن سببه، ولا السجود عن موجبه، فإذا تعمد تأخيره، وفصله عن الصلاة حتى كان هذا الفعل لا يضاف إلى الصلاة التي حدث فيها موجبه (وهو السهو) فات السجود، فإن قلنا: بوجوب سجود السهو بطلت الصلاة، وإلا صحت وسقط السجود، وليس صحيحًا أنه يفعله متى شاء قياسًا
على السنة البعدية، وإلا فمتى نحكم بفواته؟
فالقول بأنه تظل ذمته مشغولة حتى يفعله ولو بعد عام، وكأنه صلاة مستقلة فائتة دليل ضعيف جدًّا؛ فهو تبع للصلاة ليس مستقلًا عنها، فالسلام الأول لا يتحلل به المصلي من كامل محظورات الصلاة، بدليل أنه لا يصح منه قبل سجود السهو أن يفعل فعلًا منافيًا للصلاة من الكلام والأكل عامدًا حتى يسجد، ويسلم، ولا يمنع وجود سلامين من كون سجود السهو جزءًا من الصلاة، كالوتر بثلاث إذا فصل بينهما بسلام، فهي صلاة واحدة وإن تخللها سلام.
وعلى القول بأن السجود قبل السلام أو بعده على سبيل التفضيل فله تأخير القبلي إلى بعد السلام، والسجود بعده مباشرة، فمتى تعمد تأخير السجود بلا عذر حتى فصل السبب عن مسببه والسجود عن موجبه انفصالًا لا يمكن بناؤه على الصلاة فات السجود، فإن قلنا: بوجوب سجود السهو بطلت الصلاة، وإلا صحت وسقط السجود، ولا يصح قياس العامد على الساهي، وقد بحثت بشكل مستقل حكم سجود السهو، وحكم وقوع السجود في محله قبل أو بعد السلام، وسيأتينا إن شاء الله تعالى بحث اشتراط طول الفصل مع الساهي، وأن الراجح أنه شرط معتبر، وليس في هذين الحديثين ما يدل على صحة سجود السهو مع طول الفصل، فالشارع إنما أذن بالسلام بشرط سجود السهو بعده، فإذا لم يسجد فهذا السلام لم يأذن به الشارع.
• دليل من قال لا تبطل بترك السجود البعدي بخلاف القبلي:
الدليل الأول:
أن القبلي تبطل الصلاة بتركه عمدًا؛ لارتباطه بالصلاة فهو ملحق بها بمنزلة