للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

• ويناقش:

هذه الأفعال المنافية للصلاة اغتفرت لوقوعها سهوًا، فلا يقاس العامد على الساهي، فلو وقعت هذه الأفعال عمدًا لأبطلت الصلاة بالإجماع.

قال ابن تيمية: « … ومعلوم أنه لو فعل ذلك عمدًا لأبطل الصلاة بلا نزاع» (١).

فكذلك سجود السهو إذا تركه سهوًا أمكن تداركه ولو تكلم، وخرج من المسجد، وأما إذا تركه عمدًا، فهل تبطل الصلاة؟

هذا يرجع إلى الخلاف في حكم سجود السهو:

فمن قال: إنه مسنون لم يُبْطِل الصلاة بتركه كسائر المسنونات.

ومن قال بوجوبه، فهل تَبْطل صلاته بمجرد الترك، أو يمكنه تداركه؟ هذا يرجع إلى الخلاف في محل سجود السهو.

فمن قال: كله قبل السلام، فإذا تركه عامدًا فات محله، والقضاء يلحق الساهي دون المتعمد.

ومن قسم سجود السهو إلى قبلي وبعدي، فإذا ترك القبلي متعمدًا، فهل يسجد بعد السلام؟

هذا يرجع إلى الخلاف في القبلي والبعدي أهو على سبيل التفضيل أم على سبيل الوجوب؟

فمن ذهب إلى القول بوجوب القبلي إذا ترتب عن نقص، ووجوب البعدي إذا ترتب عن زيادة، فإذا تعمد، وترك القبلي فالصلاة باطلة، ولا يجزئ فعله بعد السلام؛ لأنه قد فوت محل السجود الواجب عمدًا، فلا يصح القول بأنه لا بد من فعله بعد السلام.

وإذا ترتب السهو عن زيادة، وقلنا: السجود وجوبًا بعد السلام، فليس الأمر بفعله بعد السلام إذنًا بفعله متى شاء، بل يشترط موالاته للصلاة؛ وليس صحيحًا أنه لا أثر لطول الفصل في حال العمد؛ بل لو قيل: تبطل صلاته بمجرد الترك لم يكن بعيدًا خاصة مع القول بوجوب السجود؛ لارتباطه بالصلاة ارتباط


(١) مجموع الفتاوى (٢١/ ١٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>