للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الوجه الثاني:

دعوى أن العلة في التفريق مرده إلى النقص والزيادة، فيسجد قبل السلام إن كان السهو عن نقص، وبعده إن كان عن زيادة، فقد ناقشت هذه الدعوى في المسألة السابقة فأغنى ذلك عن إعادته هنا، ويشكل على هذا أمران:

الأول: أن الظن لم يختلف فيه محل السجود سواء أظن المصلي النقص أم ظن الزيادة، ولو كانت العلة الزيادة والنقص لاختلف الحكم بين ظن النقص وبين ظن الزيادة؛ لأن ما يقابل الظن هو الوهم، وهو مطروح مع الأخذ بالتحري.

الثاني: أن وصف الزيادة والنقص لو كان هذا هو المعنى الذي أوجب الفرق لكان هذا القول أولى الناس بالقول به وبمعرفته الصحابة؛ لأنهم أخذوا أحكام السهو من النبي ، ولا يعرف هذا القول مأثورًا عنهم، ولا عن أحد من التابعين، حسب بحثي القاصر، والله أعلم.

ولأنه إذا شك فلم يدر كم صلى أخذ بالمتيقن، وهو الأقل، وطرح ما شك فيه، فإذا بنى عليه فقد تمت صلاته يقينًا، فإذا سجد للسهو قبل السلام كان السجود زيادة في صلاته، فلماذا لا يجعل السجود بعد السلام حتى لا يكون سجود السهو زيادة على أفعال الصلاة، كما قلتم: إذا سلم من ركعتين سجد بعد السلام، وإن كان قد اجتمع في حقه النقص وزيادة التسليم، وألغيتم النقص باعتباره قد أكمل صلاته، فكذلك إذا طرح الشك فقد أكمل صلاته، فهذا يقدح في رد الأمر إلى وصف الزيادة والنقص، والله أعلم.

الوجه الثالث:

لم يأخذ المالكية والشافعية والحنابلة في المعتمد حديث ابن مسعود في التحري، وقد تفرد به منصور بن المعتمر عن شيخه إبراهيم النخعي، عن علقمة عن ابن مسعود، كما تفرد منصور أيضًا بالأمر بالسجود بعد السلام، وكل من روى الحديث عن إبراهيم النخعي، أو رواه عن علقمة من غير طريق إبراهيم، أو رواه عن ابن مسعود من غير طريق علقمة، لا يذكرون محل السجود، وهو المحفوظ، وأكثر هذه الطرق في الصحيحين أو في أحدهما، وقد سبق لك تخريج الحديث في المسألة السابقة، وتوهيم الواحد أولى من توهيم الجماعة، فلم يبق الأمر بالسجود إلا في

<<  <  ج: ص:  >  >>