للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الصواب، وهو معنى أصيل ليس من قبيل التأويل مذكور في الكتاب، والسنة، ولغة العرب، وقد ذكرت الأدلة على ذلك عند الكلام على مسألة الشك في عدد الركعات.

فحديث أبي سعيد الخدري لا يصلح حجة في الزيادة والنقص لأنه ورد في الشك، وكذلك لا يؤخذ من حديث ابن مسعود؛ لأنه ورد في الظن، ومحل السجود لا يختلف سواء أظن النقص أم ظن الزيادة، والظن فرد من أفراد الشك عند أهل الفقه وأهل اللغة خلافًا لأهل الأصول حيث جعلوه قسيمًا للشك.

فلم يبق في الاستدلال على المسألة إلا حديث ابن بحينة، وقد سجد فيه النبي قبل السلام، وحديث أبي هريرة وعمران، وقد سجد فيهما النبي بعد السلام، فمن سجد في هذه المواضع كما ورد فقد أحسن، لكن القياس عليها بناء على أن العلة في هذه الأحاديث الزيادة والنقص قول ضعيف؛ لأن أفعال الصلاة الأصل فيها التعبد، ولكونه لم يُعَلِّم النبي هذا لأمته، ولا يُعْرَف هذا القول عن أحد من الصحابة، ولا عن أحد من التابعين، ولو كانت العلة الزيادة والنقص لم يسوِّ الشارع الحكم في باب الظن بين النقص والزيادة، والقول بالوجوب أضعف، لأنها سنن فعلية، ويكفي في تضعيفه أنه مخالف للمعتمد في مذهب الأئمة الأربعة، وقد سبق أن ذكرت ذلك، ولكن تكراره يزيد المسألة رسوخًا، والله أعلم.

الوجه الرابع:

أن المالكية في المشهور وإن أخذوا بالمتيقن في حال الشك مطلقًا، أمكنه التحري أم لا، فهم لم يقولوا بالسجود قبل السلام، وهذه مخالفة صريحة لحديث أبي سعيد الخدري.

يقول الخرشي: «المصلي إذا شك هل صلى ثلاثًا أم أربعًا، ولم يكن موسوسًا فإنه يبني على الأقل المحقق، ويأتي بما شك فيه، ويسجد بعد السلام؛ لاحتمال زيادة المأتي به … (١).

الدليل الثاني:

(ح-٢٥٤٤) ما رواه الطبراني في الأوسط من طريق حاتم بن عبيد الله النمَريِّ،


(١) شرح الخرشي (١/ ٣١١).
وقال الدردير في الشرح الكبير (١/ ٢٧٥): «ظن الإتيان بالسنن معتبر بخلاف ظن الإتيان بالفرائض فإنه لا يكفي في الخروج من العهدة، بل لابد من الجبر، والسجود». يقصد أنه لا عمل بالظن عند التردد، بل لا بد من اليقين.

<<  <  ج: ص:  >  >>