للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

أبي تميمة السختياني، عن محمد بن سيرين،

عن أبي هريرة: أن رسول الله انصرف من اثنتين، فقال له ذو اليدين: أقصرت الصلاة، أم نسيت يا رسول الله؟ فقال رسول الله أصدق ذو اليدين فقال الناس: نعم، فقام رسول الله ، فصلى اثنتين أخريين، ثم سلم، ثم كبر، فسجد مثل سجوده أو أطول (١).

فقال المالكية: إنما سجد النبي بعد السلام؛ لأن السهو كان عن زيادة؛ لأنه سها، وسلم من ركعتين، وتكلم، وانصرف، وبنى، فزاد سلامًا، وعملًا، وكلامًا، وهو ساهٍ.

ثم بنوا على هذين الحديثين، فقالوا: كل موضع ليس فيه عن النبي حديث، فإنه يسجد فيه في الزيادة بعد السلام على حديث أبي هريرة، وفي النقصان قبل السلام على حديث ابن بحينة، وبهذا يحصل الجمع بين الأحاديث (٢).

ولم نقل بوجوب ذلك؛ لأن الحديثين حكاية فعل لا تقتضي الوجوب، وقد جوَّز الأئمة الأربعة تأخير القبلي إلى ما بعد السلام، أو العكس، والخلاف إنما هو في الاستحباب، حتى حكاه طائفة من العلماء إجماعًا (٣).

دليل من قال: يجب السجود للزيادة بعد السلام وللنقص قبله:

الدليل الأول:

لما اختلف حديث أبي سعيد الخدري وحديث ابن مسعود في محل سجود السهو، فالسجود في حديث أبي سعيد الخدري قبل السلام، والسجود في حديث ابن مسعود بعد السلام، كان ذلك دليلًا على أن السجود يختلف محله باختلاف سببه،


(١) صحيح البخاري (٧١٤)، وصحيح مسلم (٩٧ - ٥٧٣).
(٢) انظر: التمهيد، ت بشار (٧/ ٦٨).
(٣) وممن حكى الإجماع من المالكية: ابن عبد البر.
ومن الشافعية: الماوردي.
ومن الحنابلة، القاضي أبو يعلى، وسوف أنقل النصوص عنهم عند بحث مسألة (تقديم السجود البعدي وعكسه) في فصل مستقل إن شاء الله تعالى.
وفي وجه عند الحنابلة، رجحه ابن تيمية: أن ما شرع قبل السلام يجب فعله قبله، وما شرع بعده يجب فعله بعده، خلافًا للمعتمد في المذهب، وسيأتي بحث هذه المسألة إن شاء الله تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>