للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

واحتجوا أيضا لذلك بحديث ابن مسعود الثابت: (أن رسول الله صلى خمسًا ساهيًا وسجد لسهوه بعد السلام)، ولا دليل فيه؛ لأنه لم يعلم بسهوه إلا بعد السلام.

وأما من ذهب إلى الجمع بين الأحاديث، فعلى طريقتين أيضًا:

الطريقة الأولى: أن هذه الأحاديث لا تتناقض، فحملوا الأحاديث التي فيها السجود بعد السلام على الزيادة، والتي فيها السجود قبل السلام على النقص، فوجب أن يكون حكم السجود في سائر المواضع كما هو في هذا الموضع، قالوا: وهو أولى من حمل الأحاديث على التعارض.

الطريقة الثانية في الجمع: أن هذه الأحاديث تفيد جواز الأمرين، فله أن يفعل أيهما شاء، مع تفضيل ما ورد فيه النص على غيره، ولكن ليس على سبيل الإلزام.

وأما من ذهب مذهب الجمع والترجيح: فقال: يسجد في المواضع التي سجد فيها رسول الله على النحو الذي سجد فيه رسول الله ، فإن ذلك هو حكم تلك المواضع، وهذه طريقة الجمع. وأما المواضع التي لم يسجد فيها رسول الله ، فالسجود فيها قبل السلام، وهذه طريقة الترجيح.

فكأن أصحاب هذا القول رأوا أن أحاديث السجود بعد السلام على خلاف القياس، فاقتصروا فيها على ما ورد، ولم يقيسوا عليها، بخلاف أحاديث السجود الذي قبل السلام، فهي جارية على الأصل، باعتبار السهو حدث في الصلاة، والجابر يكون داخل الصلاة (١).

إذا علم ذلك نأتي إلى تفصيل الاستدلال، أسأل الله وحده العون والتوفيق.

• دليل من قال: السنة أن يسجد للزيادة بعد السلام وللنقص قبل السلام:

ورد في حديث ابن بحينة في الصحيحين: أن رسول الله قام من اثنتين من الظهر لم يجلس بينهما، فلما قضى صلاته وانتظر الناس تسليمه سجد سجدتين قبل أن يسلم (٢).

فقال المالكية: إنما سجد النبي قبل السلام؛ لأن السهو كان عن نقص.

(ح-٢٥٤٢) وروى البخاري ومسلم، واللفظ للأول من طريق أيوب بن


(١) انظر: بداية المجتهد (١/ ٢٠٢، ٢٠٣).
(٢) صحيح البخاري (١٢٢٥)، وصحيح مسلم (٨٧ - ٥٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>