للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

لهم: صلوا كما رأيتموني أصلي.

رواه البخاري ومسلم من طريق أيوب، عن أبي قلابة، عن مالك بن الحويرث (١).

وكذلك واظب عليه صحابته من بعده، والمواظبة دليل على وجوبه.

• ويناقش من أكثر من وجه:

الوجه الأول:

المواظبة ليست دليلًا على الوجوب؛ لأن حالات السجود التي تعرض لها النبي في حياته من السنة الفعلية لا تتجاوز ثلاث مرات، فلا يصدق عليه القول بالمواظبة، فإذا كانت المواظبة على سنة الفجر والتي لم يتركها النبي حضرًا ولا سفرًا، وكانت تتكرر يوميًا، لم يكن ذلك دليلًا على وجوبها، وكان يواظب على رفع اليدين في تكبيرة الإحرام، فهل قال أحد بوجوبها للمواظبة، فكيف يكون فعل السجود ثلاث مرات في حياته دليلًا على الوجوب، نعم لم يثبت أن النبي ترك السجود إذا وجد سببه، وهذا لا يكفي عند أهل الأصول دلالة على وجوب الفعل.

الوجه الثاني:

أما الجواب عن فعل الصحابة فإنه قد يعكس، فيقال: لو كان السجود واجبًا لنقل عنهم القول بالوجوب، فعدم النقل عنهم أمارة على استحبابه عندهم، وفعلهم وأمرهم به يدل على مشروعيته، وليست محلًا للنزاع، وقد كان الصحابة رضوان الله عليهم يفرقون في الأحكام بين الواجب والمندوب والمكروه والحرام، فترك عمر سجود التلاوة، وهو يخطب مع أنه مأمور به في القرآن، وواظب عليه النبي ، حتى لم يكن يدعه وهو بين ظهراني المشركين، ومع ذلك اعتبره مندوبًا متعلقًا بمشيئة القارئ، وقالت: أم عطية: نهينا عن اتباع الجنائز، ولم يعزم علينا، ففهمت أن النهي للكراهة تفريقًا بينه وبين المحرم، فلماذا لم ينقل عن أحد من الصحابة القول بوجوب سجود السهو لو كان ذلك واجبًا، والله أعلم.

الجواب الثالث:

وأما الاستدلال بقوله: (صلوا كما رأيتموني أصلي) فسبق الجواب عنه، وأن


(١) صحيح البخاري (٦٣١)، وصحيح مسلم (٢٩٢ - ٦٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>