﵁ كثير الصلاة طويلها فربما احتاج جرعة من الماء يبل بها صوته، لهذا رأى أصحاب هذا القول أن قليل الشرب لا يمنع موالاة أفعال الصلاة، لا سيما في صلاة الليل حيث يطول فيها القيام.
• ويناقش:
الأصل أن ما أبطل الفرض أبطل التطوع إلا بدليل، ولم يسقط وجوب القيام في النفل، أو صحة النفل على الدابة بمقتضى القياس، بل جاءت به سنة صحيحة مرفوعة بأسانيد كالشمس، فأين السنة الصحيحة المرفوعة في إباحة الشرب في النفل، والاعتماد على أثر ابن الزبير مع اختلاف في إسناده لا يمكن الجزم به، وعلى فرض صحته فقد يكون ابن الزبير اجتهد، واجتهاده ليس بمعصوم، ولو كان هذا الحكم متلقى من هدي الرسول ﷺ لوجدته محفوظًا عند غيره من الصحابة رضوان الله عليهم، فالصلاة على الدابة نقلها أكثر من صحابي في أحاديث في الصحيحين وفي غيرهما، وكذا يقال في الصلاة قاعدًا في النفل، بخلاف الشرب في النافلة، فإنك لا تعرفه إلا في هذا الأثر، ولم تنقله المصنفات في الآثار كمصنف عبد الرزاق وابن أبي شيبة بالرغم من أنهم نقلوا مثل ذلك عن سعيد بن جبير، وطاوس، كما لم ينقل في سنن البيهقي أو آثار الطحاوي والطبري، فهو أثر غريب الإسناد على اختلاف على منصور في إسناده، والله أعلم.
• دليل من قال: يجوز يسير الشرب في صلاة النفل دون الأكل:
أما الدليل على إبطال الصلاة بالكثير من الشرب: فقياسًا على العمل الأجنبي الكثير في الصلاة.
قال ابن قدامة:«فأما إن كثر فلا خلاف في أنه يفسدها؛ لأن غير الأكل من الأعمال يفسدها إذا كثر، فالأكل والشرب أولى»(١).
وأما وجه التفريق بين الأكل والشرب: فإن الأكل يحتاج إلى مضغ ومعالجة بخلاف الشرب اليسير فهو أخف من الأكل.