للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

عن عبد الله بن شداد قال: سمعت نشيج عمر، وأنا في آخر الصفوف في صلاة الصبح، وهو يقرأ: ﴿إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ﴾ [يوسف: ٨٦] (١).

[صحيح] (٢).

وجه الاستدلال من هذه الأدلة:

دلالتها ظاهرة على إباحة البكاء في الصلاة مطلقًا، سواء كان كثيرًا أم قليلًا، وسواء أكان غلبة أم كان يمكنه دفعه، ما دام أن هذا من خشية الله، ولم يتصنع البكاء، ودلالتها على ذلك من وجوه:

الوجه الأول: إطلاق البكاء في هذه النصوص والمطلق جارٍ على إطلاقه لا يقيد إلا بدليل.

الوجه الثاني: أقل ما تدل عليه هذه النصوص هو إباحة البكاء إذا كان من أثر الخشوع، وأنه لا ينهى عنه حتى ولو كان المصلي قادرًا على دفعه ما لم يتصنعه.

الوجه الثالث: لم ينقل في هذه النصوص التي وقع فيها البكاء أن المصلي حاول دفعه وكتمه فلم يستطع، ولو كان يحاول ذلك لنقل.

الوجه الرابع: إذا استرسل المصلي مع خشوعه وتضرعه حتى بكى لم تفسد صلاته، ولو لم يكن مغلوبًا، ولو كان بالإمكان دفعه، واشتراط الغلبة لإباحة البكاء لا دليل عليه، وكل شرط ليس في كتاب الله أو في سنة رسوله فليس بشرط.

الوجه الخامس: حرم الشارع الكلام في الصلاة بنصوص صحيحة صريحة،


(١) المصنف (٣٥٦٥).
(٢) والأثر رواه أيضًا عبد الرزاق في المصنف (٢٧١٦)، وسعيد بن منصور كما في التفسير من سننه (١١٣٨)، وابن المنذر في الأوسط (٣/ ٢٥٦) عن ابن عيينة به.
ورواه البخاري في صحيحه معلقًا بصيغة الجزم، قال البخاري (١/ ١٤٤): باب: إذا بكى الإمام في الصلاة، وقال عبد الله بن شداد: سمعت نشيج عمر … وذكر الأثر.
ورواه ابن جريج كما في مصنف عبد الرزاق (٢٧٠٣)، ومصنف ابن أبي شيبة (٣٥٥٣٠)، والبيهقي في السنن الكبرى (٢/ ٣٥٧)، وفي شعب الإيمان (١٨٩٦)، وابن أبي الدنيا في الرقة والبكاء (٤١٧)، قال: سمعت ابن أبي مليكة، يقول: أخبرني علقمة بن وقاص، قال: كان عمر يقرأ في صلاة العشاء الآخرة بسورة يوسف، وأنا في مؤخر الصفوف حتى إذا ذكر يوسف سمعت نشيجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>