• دليل من قال: لا يبطل البكاء غلبة أو نسيانًا أو جهلًا إلا الكثير إذا بان منه حرفان:
البكاء الأصل فيه أنه يبطل الصلاة مطلقًا؛ لأن فعله غير مطلوب في الصلاة، إلا أنه فرق بين اليسير منه وبين الكثير؛ وذلك لأن الكثير ولو كان غلبة أو نسيانًا أو جهلًا يخرج الصلاة عن هيئتها، وينتهك حرمة الصلاة بخلاف اليسير.
وقياسًا على العفو عن يسير النجاسة، وللتفريق بين الحركة الكثيرة واليسيرة في الصلاة.
وقياسًا على انكشاف اليسير من العورة في الصلاة، وحتى انكشاف الكثير في الزمن اليسير فإنه لا يبطل الصلاة على قول الحنفية والحنابلة، فكذلك اليسير من البكاء إذا لم يتعمد.
• دليل المالكية على أن البكاء لوجع أو مصيبة لا يبطل سهوه إلا أن يكثر:
نزلوه عندهم بمنزلة الكلام، عمده يبطل، وسهوه يعفى عن اليسير منه، ودليلهم دليل الشافعية إلا أن الشافعية اشترطوا أن يظهر منه حرفان، ولم يشترط ذلك المالكية؛ لأنهم لم يشترطوا ذلك في الكلام، وهو الأصل فلم يشترطوا ذلك في الفرع.
• دليل من قال: لا يبطل البكاء غلبة أو نسيانًا أو جهلًا ولو كان كثيرًا:
البكاء إذا لم يتعلق بالصلاة فهو من باب المنهيات، فإذا نسي فلا حكم له بخلاف المأمورات، ومثله إذا كان غلبة أو جهلًا، وهذا يقتضي عدم التفريق بين اليسير والكثير، ومثله إذا أكل الصائم، فإنه لا فرق بين الكثير والقليل فكذلك البكاء.
• الراجح:
أن البكاء إذا غلب على المصلي لم يفرق فيه بين غلبة الخشوع وغلبة الألم والمصيبة؛ لأنه ليس داخلًا في وسعه، ولنفي الحرج عن هذه الملة، والتكليف حسب الوسع، قال تعالى: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾ [البقرة: ٢٨٦]، وإذا كان يمكنه دفعه وتمادى فهو قد تعمد أن يفعل فعلًا غير مشروع في الصلاة، فهو إما أن يلحق بالكلام، فيبطل مطلقًا، وإما أن يلحق بالحركة الأجنبية، فيغتفر القليل، وكثيره مبطل، والأول أقرب، والله أعلم.
• إذا بكى المصلي خشوعًا لله:
فقيل: لا يبطل مطلقًا ولو كان يمكنه دفعه، ولو ظهر منه حرفان، وهو