للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الصحيحين (١)، وحديث ابن مسعود فيهما (٢)، وحديث معاوية بن الحكم في مسلم (٣)، وقد سبق أن ذكرت ألفاظها استدلوا بها هنا، فإن عمومها يدل على تحريم الكلام في الصلاة من غير فرق بين مكرهٍ ومختار، وجاهلٍ وعالم، وذاكرٍ وناسٍ، والعام والمطلق جارٍ على عمومه حتى يرد ما يخصصه من النصوص، ولا مخصص.

• ويجاب:

لا نسلم أن هذه العمومات لم يرد عليها ما يخصصها، فقد دخل هذه العمومات التخصيص من ذلك كلام معاوية بن الحكم في الصلاة جاهلًا، ولم يؤمر بالإعادة، ومن ذلك كلام النبي في قصة ذي اليدين ساهيًا، وبنى على صلاته، ومن ذلك كلام أبي بكر وعمر في حديث أبي هريرة لإصلاح الصلاة، وكذلك المكره جرى تخصيصه في كتاب الله، فإذا نفي الحرج عن قول كلمة الكفر، فالإكراه على الكلام في الصلاة من باب أولى، فهذه أربع حالات استُثنيتْ: الجاهل، والساهي، والكلام لإصلاح الصلاة، والإكراه.

الدليل الثاني:

قياس الإكراه على الكلام على الإكراه على الحدث، فإنه لو أكره على الحدث انتقض وضوءه ففسدت صلاته، وذلك أن كلًّا منهما شرط لصحة الصلاة، أما الطهارة فالدليل على شرطيتها الإجماع، وحديث: (لا تقبل صلاة بغير طهور)، ونفي القبول دليل على الشرطية.

وأما الكلام فالدليل على شرطيته حديث معاوية بن الحكم، فإنه نفى صلاح الصلاة مع الكلام، بقوله: (إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس)، فنفي الصلاح عن الصلاة قدر زائد على تحريم الكلام في الصلاة، وذلك لا يعني إلا اشتراط تركه في الصلاة، وفساد الصلاة معه.


(١) صحيح البخاري (٤٥٣٤)، وصحيح مسلم (٣٥ - ٥٣٩).
(٢) صحيح البخاري (١١٩٩)، وصحيح مسلم (٣٤ - ٥٣٨).
(٣) صحيح مسلم (٣٣ - ٥٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>