للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

• ويناقش من وجوه:

الوجه الأول:

لا نسلم أن ترك الكلام شرط في صحة الصلاة، بل هو من محظورات الصلاة، ولا تكليف مع النسيان والإكراه.

الوجه الثاني:

لو سلمنا أن ترك الكلام شرط في الصلاة فإنه لا يصح القياس على الحدث، فالطهارة شرط في الصلاة، وهي من جنس المأمورات، بخلاف الكلام فهو من جنس المنهيات، فهو يشبه الطهارة من النجاسة، فلو أكره على الصلاة بثوب نجس أو صلى ناسيًا نجاسة ثوبه، صحت صلاته على الصحيح بخلاف ما لو صلى ناسيًا حدثه، فلا يصح قياس المنهيات على المأمورات، والله أعلم.

الوجه الثالث:

فرق آخر: أن مبطلات الطهارة أمور غير معقولة المعنى، تعبدنا الله بها، فالمني طاهر، والمذي نجس، والمخرج واحد، وسببهما الشهوة، وموجبهما مختلف، فالأول يوجب الغسل، والثاني يوجب الاستنجاء، بخلاف مبطلات الصلاة فإنها معقولة المعنى، وترجع إلى الإخلال بهيئة الصلاة، والإقبال على الله، والإتيان بالمنافي مكرهًا لا يخل بالمقصود.

الدليل الثالث:

أن الإكراه عذر نادر في الصلاة فلم يعتبر بخلاف النسيان فإنه يكثر، فيشق التحرز منه،

قال ابن قدامة: «لا يصح قياسه -يعني: المكره- على الناسي لوجهين:

أحدهما: أن النسيان يكثر، ولا يمكن التحرز منه بخلاف الإكراه.

والثاني: أنه لو نسي فزاد في الصلاة، أو نسي في كل ركعة سجدة، لم تفسد صلاته، ولم يثبت مثل هذا في الإكراه» (١).


(١) المغني (٢/ ٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>