للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الوجه الثالث:

أن التفريق بين القليل والكثير في إفساد العبادة جارٍ حتى على مذهب الحنفية والحنابلة، فقد ذهبوا إلى أن انكشاف اليسير من العورة في الزمن الكثير لا يبطل الصلاة، وكذا الكثير في الزمن اليسير إذا لم يتعمد، فبطل الإلزام (١).

• دليل من قال: من تكلم ناسيًا لم تبطل صلاته:

الدليل الأول:

قال تعالى: ﴿وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ﴾ [الأحزاب: ٥].

فنفي الجناح كما يصدق على رفع الإثم، وهو إجماع، يصدق على حفظ العبادة عن الإبطال بالجهل والنسيان على الصحيح خاصة في باب المنهيات.

(ح-٢٤٢٥) وقد أخرج مسلم من طريق وكيع، عن سفيان، عن آدم بن سليمان مولى خالد، قال: سمعت سعيد بن جبير يحدث

عن ابن عباس، قال: لما نزلت هذه الآية: ﴿وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ﴾ [البقرة: ٢٨٤]، قال: دخل قلوبهم منها شيء لم يدخل قلوبهم من شيء، فقال النبي : قولوا: سمعنا وأطعنا وسلمنا، قال: فألقى الله الإيمان في قلوبهم، فأنزل الله تعالى: ﴿) لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا﴾ [البقرة: ٢٨٦] قال: قد فعلت: ﴿رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا﴾ قال: قد فعلت. ﴿وَاغْفِرْ لَنَا


(١) حاشية ابن عابدين (١/ ٤٠٨)، تبيين الحقائق (١/ ٩٦)، البحر الرائق (١/ ٢٨٧)، مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (١/ ٨٢).
الإقناع (١/ ٨٨)، مطالب أولي النهى (١/ ٣٣٣)، شرح منتهى الإرادات (١/ ١٥١)، نيل المآرب بشرح دليل الطالب (١/ ١٤٨).
جاء في الإقناع: «ولا تبطل الصلاة بكشف يسير من العورة، لا يفحش في النظر عرفًا بلا قصد، ولو في زمن طويل، وكذا كثير في زمن قصير، فلو أطارت الريح سترته ونحوه عن عورته، فبدا منها ما لم يُعْفَ عنه، ولو كلها فأعادها سريعًا بلا عمل كثير لم تبطل».

<<  <  ج: ص:  >  >>