والنهي عن الكلام في الصلاة يتوجه إلى العامد، وأما الناسي فلا يتوجه النهي إليه، لأن النسيان طبيعة بشرية كما سيأتي بيانه عند الكلام على أدلة المالكية والشافعية.
الوجه الثاني:
على التسليم بأن النهي يقتضي الفساد بكل حال، فإنما هو في النهي المطلق الخالي من القرائن، أما إذا اقترن بالدليل ما يدل على أن النهي لا يقتضي الفساد فلا خلاف بأن النهي لا يقتضيه، وقد دل الدليل هنا على أن المتكلم جاهلًا لا يقتضي فعله الفساد، حيث لم يأمر النبي ﷺ معاوية بن الحكم بإعادة الصلاة، وما عذر فيه بالجهل عذر فيه بالنسيان.
الوجه الثالث:
أن الأكل منافٍ للصيام، وإذا أكل الصائم ناسيًا لم يفسد صومه على الصحيح، وهو مذهب الجمهور بما فيهم الحنفية والحنابلة، فكذلك إذا تكلم ناسيًا لم تبطل صلاته، والله أعلم.
الدليل الثالث:
إذا كثر الكلام كان مفسدًا للصلاة، فلو كان النسيان فيه عذرًا لاستوى قليله وكثيره، كالأكل في الصيام لا فرق بين قليله وكثيره.
• ويناقش من أكثر من وجه:
الوجه الأول:
أن يقال: الأصح أن الكثير كاليسير؛ فما عفي عن يسيره لنسيان، أو جهل، عفي عن كثيره، وهو قول في مذهب الحنابلة (١).
الوجه الثاني:
على فرض التفريق بين اليسير والكثير، فإن الكثير يخرج الصلاة عن هيئتها بخلاف اليسير، ولذلك فرق بين الحركة الكثيرة واليسيرة.