للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

أبي ميمونة، عن عطاء بن يسار،

عن معاوية بن الحكم السلمي، قال: قال رسول الله : إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن، أو كما قال رسول الله .... الحديث، والحديث فيه قصة (١).

وجه الاستدلال:

أخبر النبي بأن الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، فلو بقي مصليًا بعد الكلام لكان قد صلح الكلام فيها من وجه، فثبت بذلك أن ما وقع فيه كلام الناس فليس بصلاة.

ومن وجه آخر: فإن انتفى الصلاح عن الصلاة يثبت ضده وهو الفساد؛ لأنه في مقابلته، فإذا لم يصلح فيها الكلام فوجوده يقتضي الفساد، ولو صحت الصلاة مع وقوع الكلام فيها، لكان ذلك خلاف مقتضى الخبر (٢).

• ويناقش من وجوه:

الوجه الأول:

أن قوله : (إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس) خبر بمعنى الإنشاء، فالنفي بقوله: (لا يصلح) بمعنى النهي، أي: لا تتكلموا، فالخبر قد يأتي بمعنى النهي كما في قوله تعالى: ﴿لا تبديل لخلق الله﴾ أي لا تبدلوا فطرة الله. وقد يأتي الخبر بمعنى الأمر، كما في قوله تعالى: ﴿والمطلقات يتربصن﴾ وقوله تعالى: ﴿والوالدات يرضعن أولادهن﴾ أي: ليتربصن وليرضعن.

وإذا رجع النفي إلى معنى النهي، فالفقهاء مختلفون في النهي، أيقتضي الفساد بكل حال أم أن ذلك يختص بالعبادات؟ أم أنه يختص بما إذا كان النهي عن الشيء لعينه أو لوصف ملازم، كالنهي عن البيوع الربوية وبيوع الغرر، فإذا عاد النهي عن الشيء لأمر خارج، كالبيع بعد نداء الجمعة، لم يقتض النهي الفساد، وهو مذهب الجمهور؟ (٣)، وقد تقدم بسط ذلك عند الكلام على الصلاة في الثوب المغصوب


(١) صحيح مسلم (٣٣ - ٥٣٧).
(٢) انظر: أحكام القرآن للجصاص (١/ ٥٣٩)، المستصفى في شرح النافع (١/ ٣٦٩).
(٣) انظر: الخلاف في المسألة في كتابي: المعاملات المالية أصالة ومعاصرة (١/ ٦٣، ٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>