للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فبأبي هو وأمي، ما رأيت معلمًا قبله ولا بعده أحسن تعليمًا منه، فوالله، ما كهرني، ولا ضربني، ولا شتمني، قال: إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن، أو كما قال رسول الله .... الحديث (١).

وجه الاستدلال:

أن معاوية تكلم في صلاته، فلم يأمره النبي بإعادتها.

فحمله قوم على أن الجاهل معذور مطلقًا، وحمله الشافعية على أنه لم يؤمر بإعادتها؛ لكونه حديث عهد بجاهلية، فلا يعذرون المفرط في التعليم والذي بمقدوره أن يرفع جهله.

فهل عدم المطالبة بالإعادة دليل على صحة الصلاة، خاصة أن الفقهاء يستدلون على الصحة بسقوط الطلب، فقد أجنب عمار، فتمرغ في الصعيد كما تتمرغ الدابة والحديث في البخاري (٢)؛ جهلًا منه بصفة الطهارة الواجبة، ولم يطلب منه النبي إعادة الصلاة، مع إخلاله بشرط الطهارة؟

أم يقال: إن صلاته لم تصح، ولكن لم يطلب منه الإعادة؛ لعذره بالجهل، لحديث ابن عمر في مسلم: (لا تقبل صلاة بغير طهور)؟ (٣).

(فصلاة) نكرة في سياق النفي فتعم كل صلاة، ومنها صلاة الجاهل.

ولقوله للمسيء: (فإنك لم تُصَلِّ)، والنفي متوجه للصحة؛ لأن صورة الصلاة موجودة؟

يحتمل هذا، ويحتمل أن قوله: (فإنك لم تُصَلِّ) قبل الإفصاح عن عذره بقوله: (والذي بعثك بالحق لا أحسن غير هذا فعلمني).

ولهذا فاقد الطهورين، يصلي بغير طهور، وصلاته صحيحة في أصح قولي العلماء، والله أعلم.

وإذا صححنا صلاته، كان الجواب عن عموم قوله: (لا تقبل صلاة بغير طهور)،


(١) صحيح مسلم (٣٣ - ٥٣٧).
(٢) صحيح البخاري (٣٤٧).
(٣) صحيح مسلم (٢٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>