للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الصلاة، فهل كان إعذاره للجهل فقط، كما يرى ذلك بعض الفقهاء، أم لجهله، ولقوله أيضًا في الحديث نفسه: (يا رسول الله، إني حديث عهد بجاهلية)، كما يرى الشافعية؟ هذا محل اجتهاد.

فمن كان حديث عهد بجاهلية، هل يستوي هو ومن يعيش في بلد ينتشر فيها العلم، ويمكنه رفع الجهل عن نفسه بالسؤال، ثم لا يبالي، ويترك ما وجب عليه تعلمه؟

أم يقال: الأصل أن الجهل عذر، وأما تفريطه في ترك التعلم مع القدرة عليه فهذا ذنب آخر، منفك عن الإعذار بالجهل، خاصة أنه قد يترتب على ذمته صلوات كثيرة بسبب جهله، فالإعذار بالجهل شيء، وسببه شيء آخر، فيطلب منه التوبة على تقصيره في ترك التعلم الواجب عليه، وتقصيره ومؤاخذته على ذلك لا يلغي اعتبار الجهل عذرًا في عدم وجوب الإعادة عليه، كترخص العاصي في سفره؟

لعل هذا هو الأقرب، خاصة أن مسائل العلم ليست واحدة، فهناك مسائل يسهل تعلمها، وهناك مسائل ينتشر الجهل بها لخفائها، والله أعلم.

وأما قياس الكلام على الحركة الكثيرة فغير مسلم؛ لأن الأصل لم يتفق عليه، حتى يصح قياس الفرع عليه، فالحركة من الجاهل لا تفسد صلاته، علمًا أن الحركة أخف من الكلام، فإن الحركة اليسيرة ولو متعمدًا لا تبطل الصلاة، وكذلك الحركة المتفرقة التي لو جمعت لكانت كثيرة، وكذا الحركة الكثيرة إذا دعت لها حاجة، بخلاف الكلام، فإن اليسير من الكلام كالكثير في التحريم، فكيف يقاس الأغلظ على الأخف؟.

• دليل من قال: من تكلم جاهلًا لم تبطل صلاته:

الدليل الأول:

(ح-٢٤١٧) استدلوا بما رواه مسلم من طريق يحيى بن أبي كثير، عن هلال ابن أبي ميمونة، عن عطاء بن يسار،

عن معاوية بن الحكم السلمي، قال: بينا أنا أصلي مع رسول الله ، إذ عطس رجل من القوم، فقلت: يرحمك الله، فرماني القوم بأبصارهم، فقلت: واثكل أمياه، ما شأنكم؟ تنظرون إلي، فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم، فلما رأيتهم يصمتونني لكني سكت، فلما صلى رسول الله ،

<<  <  ج: ص:  >  >>