للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وهو يظن أن الصلاة ربما تكون قد قصرت، فهذان المتكلمان في الصلاة لم يقع منهما الكلام عمدًا، وهما يجزمان أنهما في صلب الصلاة، فهو في حكم من تكلم في الصلاة سهوًا، والأصح أنها لا تبطل بذلك (١).

يبقى الجواب عن كلام بعض المصلين بعد أن علموا أن الصلاة لم تقصر، وقد اختلف الناس في توجيه كلامهم على أربعة أقوال:

فبعضهم حمل ذلك على أن الناس لا يسعهم إلا الكلام بعد أن وجه النبي لهم السؤال، فتعين عليهم الإجابة، وإذا وجب الكلام عليهم لم تبطل به الصلاة، وليس السؤال من النبي كالسؤال من غيره.

وبعضهم رجح أن الكلام عمدًا لإصلاح الصلاة إذا لم تغن الإشارة، وكان يسيرًا أنه لا يفسد الصلاة، ولو كان في صلب الصلاة وهذا توجه المالكية، ورواية عن أحمد.

وبعضهم حمل الحديث على أن ذلك وقع قبل تحريم الكلام، فهو منسوخ بحديث زيد بن أرقم، وحديث ابن مسعود في الصحيحين، وهذا توجه الحنفية.

وكون الحديث نقله أبو هريرة فهذا من مرسلاته التي سمعها من الصحابة، ولم يشهدها بنفسه.

وبعضهم رجح أن جوابهم كان إيماء، كما ورد في بعض ألفاظ الحديث.

وإذا كان الحديث يحتمل كل ذلك؛ فلا يمكن الاحتجاج بهذا الحديث على أن الامتناع عن الكلام في الصلاة سنة، ومعارضة الأحاديث الصحيحة الصريحة بأن الكلام محرم في الصلاة، وقد تنوعت فيها الدلالة:

فمنها ما جاء بصيغة الأمر والنهي، (فأمرنا بالسكوت، ونهينا عن الكلام).

ومنها ما جاء بلفظ: (إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس).

ومنها ما جاء إلى إرشاد المحتاج إلى الكلام في الصلاة لإصلاحها إلى التسبيح للرجال، والتصفيق للنساء، وكل ذلك يدل على أن الكلام محرم، وليس مستحبًا


(١) قال أحمد كما في مسائل صالح (٢/ ٤٧٦): «ذو اليدين تكلم، ولا يدري لعلها قد قصرت».
وانظر: كفاية النبيه في شرح التنبيه (٣/ ٤٠٥)، البيان للعمراني (٢/ ٣٠٥، ٣٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>