صاحب هذا القول بنى مذهبه هذا على أصل للمالكية: وهو أن الرجل إذا تكلم ساهيًا فإنه يكفيه أن يسجد للسهو، وتجزئه صلاته، فصار كمن سها عن سنة من سنن الصلاة تجزئه صلاته، ويسجد للسهو، بخلاف من سها عن فريضة من فرائضها، فإنه لا يجزئه سجود السهو، فإن كان يمكن تداركه كما لو ترك ركوعًا أو سجودًا أتى به وسجد للسهو، وإن كان لا يمكن تدارك الفرض استأنف الصلاة.
• ويجاب بأكثر من جواب:
الجواب الأول:
أن هذا النوع من الاستدلال هو يلزم المالكية القائلين بأن ترك الكلام من فرائض الصلاة (أي: من أركانها)، ولا يلزم من يقول: إن ترك الكلام ليس من أفعال الصلاة، إلا أن الشرع حظر عليه الكلام كما حظر عليه الأكل والشرب والحركة، وهذه الأمور لا يمكن اعتبار تركها من أركان الصلاة.
الجواب الثاني:
الاقتصار على سجود السهو ليس دليلًا على السنية، بل الواجبات إذا فاتت يشرع لها سجود السهو، ولا يجب تداركها، حتى على مذهب المالكية القائلين بأن ترك الكلام من فروض الصلاة يرون أن ترك الفرض إن كان يمكن تداركه كترك الركوع والسجود أتى بالفرض، ثم سجد للسهو، وإذا كان لا يمكن تداركه كالكلام في الصلاة سهوًا فإنه يكفي سجود السهو، ولا يكون ذلك دليلًا على أن ترك الكلام سنة.
يقول ابن رشد في المقدمات تعقيبًا على هذا القول: «والأظهر - يعني: ترك الكلام- أنه فرض .... والفرق بين الكلام ساهيًا وترك الفريضة ساهيًا، أن الكلام شيء قد فرط، لا يمكنه استدراكه؛ لاستحالة ترك فعل الشيء بعينه بعد فعله، وقد تجاوز الله عنه بنص قول النبي ﷺ:(تجاوز الله لأمتي عن الخطأ والنسيان)، والفريضة يقدر أن يعود إلى فعلها بعد تركها، فإن لم يفعل بعمد أو نسيان حتى