للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الدخول إلى المنزل، والخروج منه.

وقد يقول قائل: ما جرى في حديث السهو هو حكاية فعل، لم يقصد منه تقدير الفاصل القصير من الطويل، وقد وقع اتفاقًا، فما الدليل على أن الأمر لو زاد على ذلك لامتنع البناء، فلو احتاج النبي زيادة على هذا المقدار للتحقق مما وقع، فمن أين لنا أن ذلك سيوجب الاستئناف ويمنع من البناء؟

وقيل: الفصل القريب: ما بين الخطبة، والشروع في الصلاة، أوما بين الصلاتين إذا أراد الجمع بينهما، ذكره القاضي حسين من الشافعية (١).

والخلاف في المسألة قوي جدًّا، ومن يرى أن الفاصل الطويل جدًّا لا يمنع من البناء فإن الرجل لو استأنف الصلاة على هذا القول لم تصح صلاته؛ لأنه كمن زاد في صلاته جهلًا؛ لأنه لم يخرج من الصلاة السابقة بطول الفصل، بخلاف من يرى وجوب الاستئناف لطول الفصل.

فمن أراد أن يخرج من خلافهم فلينقض طهارته لتبطل صلاته بالاتفاق، وإن كنت أميل إلى أن الفاصل الطويل يمنع من البناء، والله أعلم.

• فإن تكلم قبل أن يتذكر أنه لم يتم صلاته، فهل يبني؟

اختلف الفقهاء في ذلك:

فقيل: يستأنف مطلقًا، وهو مذهب الحنفية، والمالكية، والحنابلة (٢).


(١) التعليقة للقاضي حسين الشافعي (٢/ ٨٣٠).
(٢) انظر: في مذهب الحنفية: اختلاف العلماء للطحاوي (١/ ٢٦٩)، بدائع الصنائع (١/ ١٦٨، ١٦٩)، فتح القدير (١/ ٥١٦)، حاشية ابن عابدين (٢/ ٩١)، نور الإيضاح (ص: ٩٥)، حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح (ص: ٤٧٢)، مراقي الفلاح (ص: ١٨٢)، البحر الرائق (١/ ٣٩١).
وقال الدسوقي في حاشيته (١/ ٢٩٣): «المصلي إذا ترك ركنًا من الصلاة سهوًا، وطال الفصل فإنها تبطل .... ومثل الطول بقية المنافيات: كحدث مطلقًا، أو أكل، أو شرب، أو كلام عمدًا».
وقيد الكلام بالعمد، والمقصود به ما قاله صاحب الطَّرَّاز نقلًا من الذخيرة (٢/ ١٤٢): «فلو ذكر بالقرب، فتكلم بعد ذلك لم يبن؛ لأنه كلام بغير سهو».
وانظر: شرح الزرقاني على مختصر خليل (١/ ٤٤٩)، شرح الخرشي (١/ ٣٣٣)، حاشية الدسوقي (١/ ٢٩١)، لوامع الدرر في هتك أستار المختصر (٢/ ٢٨٢).
وجاء في شرح منتهى الإرادات (١/ ٢٢٥): «فإن ذكر من سلم قبل إتمامها سهوًا أنه لم يتمها قريبًا عرفًا ولو خرج من المسجد نصًّا .... أتمها وسجد لسهوه … وإلا أي لم يذكر سهوه قريبًا بأن طال الزمن عرفًا بطلت … أو أحدث بطلت … أو تكلم مطلقًا: أي إمامًا كان أو غيره، عمدًا أو سهوًا أو جهلًا، طائعًا أو مكرهًا، فرضًا أو نفلًا لمصلحتها، أو لا، في صلبها أو بعد سلامه سهوًا، واجبًا كتحذير نحو ضرير، أو لا بطلت».

<<  <  ج: ص:  >  >>