للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

• وجه القول بالبناء:

الوجه الأول:

أن السلام من الصلاة وقع سهوًا، فلم يحصل به التحلل الشرعي، بدليل أن النبي بنى في حديث أبي هريرة في الصحيحين في قصة ذي اليدين، وفي حديث عمران في مسلم دخل النبي منزله، فإذا كان سلامه من الصلاة بنية التحلل، وعزوبه عن نية الصلاة، واستدباره للقبلة، وكلامه مع أصحابه، ومشيه حتى دخل منزله ، ثم مشيه حتى خرج منه إلى أن وقف في الصف لم يمنع كل هذه الأفعال من البناء، مع أن الواحد منها منافٍ للصلاة، فكيف إذا اجتمعت؟ فكذلك لا يمنع من البناء طول الفصل بجامع العذر، ما لم ينتقض وضوؤه؛ لأن بطلان الطهارة بطلان للصلاة على الصحيح.

قال ابن رجب: «في حديث عمران بن حصين ما يدل على البناء مع طول الفصل» (١).

وأما الجواب عن قياس البناء على ما صلى على اشتراط اتصال المستثنى بالمستثنى منه، فهذه مسألة خلافية بين أهل الأصول، وقد نقلوا عن ابن عباس أنه قال: يصح انفصال المستثنى من المستثنى منه، ولو طال الفصل بينهما.

• ورد هذا الجواب:

بأن هذا القول لا يصح عن ابن عباس، قاله إمام الحرمين والغزالي.

وقال القرافي: «المنقول عن ابن عباس إنما هو في التعليق على مشيئة الله تعالى خاصة، كمن حلف ثم قال: إن شاء الله تعالى بعد طول الفصل.

وقد ثبت عن النبي أنه قال: من حلف على شيء فرأى غيره خيرًا منه، فليأت الذي هو خير، وليكفر عن يمينه» (٢).

لو كان الاستثناء المنفصل صحيحًا، لأرشد النبي إليه؛ لكونه طريق مخلصًا للحالف في البر بيمينه، وعدم الوقوع في الحنث (٣).


(١) فتح الباري لابن رجب (٩/ ٤١١).
(٢) صحيح مسلم (١١ - ١٦٥٠).
(٣) انظر: بيان المختصر: شرح مختصر ابن الحاجب للأصفهاني (٢/ ٢٦٦)، إرشاد الفحول
(١/ ٣٦٤)، الإبهاج في شرح المنهاج (٢/ ١٤٥)، الإحكام في أصول الأحكام للآمدي (٢/ ٢٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>