للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ذلك إعراضًا عن الصلاة بالكلية، فلا يصح البناء.

وإذا كان من شروط صحة الاستثناء في الكلام اتصاله بالمستثنى منه لفظًا، أو حكمًا، كما لو انقطع الكلام لتنفس أو سعال، فإذا طال الفصل لم يصح الاستثناء، فكذلك أفعال الصلاة، وما فيها من قراءة وأذكار وركوع وسجود وجلوس وتشهد يشترط اتصالها حقيقة أو حكمًا، كما لوكان الفاصل يسيرًا عرفًا، فإذا طال الفصل لم يُبْنَ بعضها على بعض.

وقيل: يبني، ولو طال الفصل، وهو قول في مذهب المالكية، وبه قال الليث، ومكحول، والضحاك، والأوزاعي، ويحيى بن سعيد الأنصاري، والحسن ابن حي، قال ابن رجب: «ونقل صالح عن أحمد ما يدل على ذلك، وهو ظاهر مذهب الحنفية، حيث لم يشترطوا للبناء إلا أن يكون قد تذكر ذلك قبل الخروج من المسجد، ولم يأت بمنافٍ من حدث متعمد، وكلام، ونحو ذلك (١).


(١) الحنفية جعلوا شروط البناء إذا سلم ساهيًا على ظن أنه أتم صلاته هي شروط من خرج من الصلاة على أنه قد أحدث، ثم تبين له أنه لم يحدث.
ولم يذكروا في الشروط إلا شرطين: ألا يخرج من المسجد، ولا يأتي بمنافٍ من كلام، أو حدث متعمد، أو كشف عورة، مما يمنع البناء.
وإذا كان المصلي لو تحقق سبق الحدث وليس مجرد ظنه لا يشترط للبناء ألا يطول الفصل بينه وبين البناء، وإنما شرطوا إذا سبقه الحدث، أن ينصرف من ساعته ليتوضأ، فلو مكث قدر أداء ركن بغير عذر فسدت صلاته. انظر: البحر الرائق (١/ ٣٩١).
فكذلك يقال إذا ظن الحدث، أو ظن إتمام صلاته فانصرف، ثم تيقن أنه لم يحدث أو لم يتم صلاته، فإنه يبني في الحال، ولو طال الفصل بين سلامه وبين تذكره ما لم يخرج من المسجد. فإن تأخر بعد أن تيقن أن صلاته لم تتم، أو بعد أن تيقن بقاء طهارته، فسد البناء، ووجب عليه استئناف الصلاة تخريجًا لهذه المسألة على مسألة من سبقه الحدث، والله أعلم.
وانظر: قول المالكية في التوضيح لخليل (١/ ٤١١).
وانظر: قول مكحول ومن ذكر معه من السلف في فتح الباري لابن رجب الحنبلي (٣/ ١٠٤)، (٩/ ٣٩٨، ٤١٠)، الشرح الكبير للمقنع (١/ ٦٧٣)، طرح التثريب (٣/ ١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>