للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

قال ابن بطال: «لا أعلم من يقول: إن من كبر قبل إمامه فصلاته تامة إلا الشافعي، بناء على أصل مذهبه أن صلاة المأموم غير مرتبطة بصلاة الإمام، وسائر الفقهاء لا يجيزون من كبر قبل إمامه» (١).

ولا حجة في هذه الأحاديث على هذه المسألة، قال ابن رجب: لأن المأموم إنما كبر مقتديًا بإمام يصح الاقتداء به، ثم بطلت صلاته بذكره، فاستأنف صلاته، فلم يخرج المأموم عن كونه مقتديًا بإمام يصح الاقتداء به، فهو كمن صلى خلف إمام، ثم سبقه الحدث في أثناء صلاته في المعنى (٢).

الدليل السابع:

(ح-٢٣١٠) ما رواه البخاري ومسلم من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن همام،

عن أبي هريرة، عن النبي ، قال: لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ.

هذا لفظ البخاري، ولفظ مسلم (لا تقبل صلاة أحدكم … ) (٣).

فإذا تذكر الإمام حدثه فسدت صلاته؛ لانتفاء القبول عنها بنص الحديث، وأما المأموم فهو معذور في الاقتداء به؛ ولم يحصل منه حدث لتفسد صلاته، وفرق بين جهل المصلي بحدث إمامه، وبين جهله بحدث نفسه، فالأول لا يكلف المأموم في معرفته؛ لأن الأصل في المسلم أنه لا يصلي إلا متطهرًا، وأما حدث نفسه فإذا صلى جاهلًا به لم تصح صلاته إذا علم؛ لأنه منسوب فيه إلى التفريط، وقياس أحدهما على الآخر قياس مع الفارق.

فإذا صلى المأموم كما أمر، ثم علم الإمام أثناء الصلاة بحدثه بطلت صلاته وحده؛ وبنى المأموم على ما صلى، وإن علم بعد الفراغ منها أعاد الإمام وحده، كما لو صلى الإمام، ونعلاه فيهما نجاسة.

الدليل الثامن:

كل دليل استدل به من يقول: إذا علم الإمام بحدثه بعد الفراغ من الصلاة،


(١) شرح البخاري لابن بطال (٢/ ٣٠٥).
(٢) انظر: المرجع السابق (٥/ ٤٣٥).
(٣) صحيح البخاري (٦٩٥٤)، وصحيح مسلم (٢ - ٢٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>