للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

قراءة ولا ذكر إلى أن يرجع الإمام، والله أعلم.

قال ابن حبان: «محال أن يذهب ليغتسل ويبقى الناس كلهم قيامًا على حالتهم من غير إمام لهم إلى أن يرجع ، ومن احتج بهذا الخبر في إباحة البناء على الصلاة لزمه ألا يفسد وقوف المأموم بلا إمام مقدار ما ذهب فاغتسل إلى أن رجع من غير قراءة تكون منهم، ولما صح نفيهم جواز ما وصفنا صح أن البناء غير جائز في الصلاة … » (١).

والذي أريد أن أصل إليه من خلال هذه المناقشة: أن هذه الأحاديث لا دلالة فيها على فساد صلاة المأموم بفساد صلاة إمامه، ولا على صحة البناء على ما صلى، فهي ليست نصًّا في موضع النزاع، فيطلب الدليل من غيرها، والقول بالبناء -وإن كان هو الراجح عندي- لكن دلالة هذه الأحاديث عليه ليست نصًّا قاطعًا على المراد، والله أعلم.

ولذلك ذكر ابن رجب الحنبلي أن الحديث يحتمل الأمرين.

قال ابن رجب: «ليس في الحديث أن النبي بنى على ما مضى من تكبيرة الإحرام، وهو ناسٍ لجنابته، فإن قدر أن ذلك وقع فهو منسوخ؛ لإجماع الأمة على خلافه، كما ذكره ابن عبد البر وغيره، فلم يبق إلا أحد وجهين:

أحدهما: أن يكون لما رجع كبَّر للإحرام، وكبر الناس معه.

وعلى هذا التقدير، فلا يبقى في الحديث دلالة على صحة الصلاة خلف إمام صلى بالناس محدثًا ناسيًا لحدثه.

والثاني: أن يكون النبي استأنف تكبيرة الإحرام، وبنى الناس خلفه على تكبيرهم الماضي .... » (٢).

فلو كانت هذه الأحاديث نصًّا على صحة البناء؛ لما ذكر ابن رجب أنها تحتمل الأمرين، تحتمل الاستئناف، وتحتمل البناء.

وعلى القول بالبناء فالشافعي استدل به على جواز إحرام المأموم قبل إمامه مطلقًا، وقد سبق بحثها في مباحث النية.


(١) صحيح ابن حبان (٦/ ٦).
(٢) فتح الباري لابن رجب (٥/ ٤٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>