للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الأولى، وترك ذكره أبو بكرة فهو دليل على أنه لا يمكن الجزم بأن عدم النقل نقل للعدم، فما المانع أن يكون الصحابة حين عاد النبي وكبَّر للدخول في الصلاة كبَّر معه الصحابة أيضًا، واستأنفوا صلاتهم؟ فإذا قلت: لم ينقل، قيل لك: ولم ينقل تكبير الصحابة في أول الأمر، ولا تكبير النبي بعد عودته إلى الصلاة، فعدم النقل ليس حجة، ولا يعتبر نقلًا للعدم، وإنما شاء الله قدرًا أن يغفل الراوي عن نقل ذلك؛ لتكون من مسائل الخلاف توسعة على العباد، والله أعلم (١).

فإن اعترض بحديث أنس: (فكبَّر وكبَّرنا معه)، فإن الراجح في هذا الحديث أنه مرسل، ومعارض بمرسل مثله أو أقوى منه.

(ح-٢٣٠٩) فقد روى أبو داود معلقًا في السنن، قال: رواه أيوب، وابن عون، وهشام،

عن محمد مرسلًا، عن النبي ، قال: فكبر، ثم أومأ بيده إلى القوم: أن اجلسوا، فذهب، فاغتسل (٢).

وقد وصله الشافعي في الأم، فرواه عن ابن علية، عن ابن عون، عن محمد، واختصر لفظه (٣).

وإسناد الشافعي إسناد صحيح، إلا أنه مرسل، ومرسلات ابن سيرين من أقوى المراسيل، وكان ابن سيرين لا يرى الرواية بالمعنى، وهي لا تعارض لفظ: (أن امكثوا) أو لفظ: (مكانكم).

فإن صح أمرهم بالجلوس فهو دليل على أنهم لم يكونوا في صلاة، والله أعلم.

وعلى كل حال انتظار الصحابة للنبي وهم قيام، لا يعني أنهم كانوا في صلاة، فقد يكون أراد منهم النبي أن يستمروا على الكيفية التي تركهم عليها، وهو قيامهم في صفوفهم المعتدلة لسرعة فيئه، ولو أراد النبي بقاءهم على إحرامهم لأمرهم بالقراءة أو الذكر في الصلاة، بدلًا من وقوفهم في الصلاة من غير


(١) انظر بتصرف: شرح مختصر الطحاوي للجصاص (٢/ ٥٦).
(٢) ذكره أبو داود بإثر ح (٢٣٤)، ولم أقف عليه موصولًا من طريق أيوب وهشام.
(٣) الأم (٧/ ١٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>