للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الوجه الثالث:

عدم النقل عن الصحابة أنهم استأنفوا التكبير ليس دليلًا صريحًا أنهم قد بنوا على ما مضى من صلاتهم، فالحديث لم ينقل أنهم قد بنوا، كما لم ينقل أنهم استأنفوا، فالراوي لم يتعرض لذلك في الحديث، لا نفيًا، ولا إثباتًا، فلا حجة فيها على فساد صلاة المأموم بفساد صلاة إمامه، ولا نص فيها على صحة صلاة المأموم ولو فسدت صلاة الإمام، فالحديث محتمل للأمرين.

وأما الجزم بأنهم لو كبَّروا لنقل فغير مسلَّم، فالراوي لم ينقل أن الرسول استأنف التكبير حين عاد إلى صلاته، فعلى هذه الطريقة من الاستدلال يقال: لو كان النبي كبَّر لنقل، وإنما علمنا أنه يلزمه التكبير من الإجماع، ولا يستفاد من هذه الأحاديث.

وأبو بكرة لم ينقل أن الصحابة كبروا حين كبر النبي للمرة الأولى إلا ما نعلم من حال الصحابة، وحرصهم على المسارعة في المتابعة، وإلا فالحديث ورد بثلاثة ألفاظ، كلها لم ينقل في الرواية أن الصحابة قد دخلوا في الصلاة مع الرسول .

فرواه أبو الوليد الطيالسي، عن حماد بن سلمة به، بلفظ: (كبَّر في صلاة الفجر يومًا، ثم أومأ إليهم).

ولفظ يزيد بن هارون عن حماد به، عند أحمد: (استفتح الصلاة فكبر، ثم أومأ إليهم أَنْ مكانكم … ).

ولفظ عفان وأبي كامل وموسى بن إسماعيل وحبان وأبي عمر الضرير، كلهم عن حماد به: (دخل في صلاة الفجر، فأومأ إلى أصحابه: أي مكانكم … ).

وهذا الذي حمل ابن الهمام فقال في فتح القدير بعد أن ساق الحديث: «سنده صحيح، ولا يقتضي أن ذلك كان بعد شروعهم؛ لجواز كون التذكر كان عقيب تكبيره بلا مهلة قبل تكبيرهم … » (١).

فإن كانوا لم يدخلوا في الصلاة فذاك، وإن كانوا قد كبَّروا مع النبي للمرة


(١) فتح القدير (١/ ٣٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>