للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

رجع الحكم في مسح الحصى إلى حكم الحركة أيضًا باعتبار أن الحركة الكثيرة لغير حاجة تذهب الخشوع؛ فكان اليسير منه لغير حاجة مكروهًا حتى لا يفضي ذلك إلى ذهاب الخشوع أو كماله.

ولم يحرم المسح باعتبار أن الخشوع في الصلاة ليس واجبًا على الصحيح، حتى حكي في ذلك الإجماع على عدم الوجوب.

وعلى القول بوجوب الخشوع فإنما يحرم من المسح ما يحرم من الحركة في الصلاة، واليسير من المسح بلا حاجة داخل في الحركة اليسيرة، فلا يحرم، ويباح مع الحاجة ويكره بدونها.

وإن كانت العلة في النهي عن المسح؛ هو ما علل به في حديث أبي ذر، وهو كون الرحمة تواجهه.

فقد فسر ذلك كما تقدم بأن العبد إذا صلى فإن الله قبل وجهه حتى يلتفت فإذا التفت انصرف الله عنه، فالجزاء من جنس العمل، فكان مسح الحصى بلا حاجة نوعًا من التفات المصلي عن الصلاة المؤدي إلى انصراف الله عن العبد، وعبر بالرحمة، وهو من التعبير بالشيء بلازمه، وانصراف الله عن العبد لا يعني تحريم المسح، وإنما هو من باب قطع الثواب، لا من باب العقوبة، ولو كان ذلك من باب العقوبة لكان ذلك من الكبائر، ولبطلت الصلاة بالالتفات، سواء أكان ذلك بالتفات الوجه، أم كان ذلك بالتفات القلب بعمل أجنبي عن الصلاة ومنه مسح الحصى بلا حاجة، والعبث بلحيته أو بثوبه، ونحو ذلك.

وقد ورد إعراض الله سبحانه على العبد بفعل ما ليس بمعصية، كخبر النفر الثلاثة في حديث أبي وقد الليثي في الصحيحين، حيث قال النبي في حق الثالث: وأما الآخر فأعرض فأعرض الله عنه (١).

وليس الجلوس في حلقة الذكر من الواجبات الشرعية، وإلا لأنكر النبي على الرجل تركه الجلوس في الحلقة، ولدعاه إلى الجلوس، وقد أقره النبي على ترك الجلوس، ولكن معنى أعرض الله عنه بأن حرمه ثواب الجلوس في حلقة الذكر، فهو من


(١) صحيح البخاري (٦٦)، وصحيح مسلم (٢٦ - ٢١٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>