للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= أبي يقول ذلك، وسألته عنه، فقال: ما بحديثه باس».
وقال الصنعاني في سبل السلام (١/ ٢٢٢): «قوله: (فإن الرحمة تواجهه) أي تكون تلقاء وجهه، فلا يغير ما تعلق بوجهه من التراب والحصى، ولا ما يسجد عليه، إلا أن يؤلمه فله ذلك».
والقول الثاني أقوى، جاء في شرح الزرقاني على الموطأ (١/ ٥٤٤): «قال الحافظ الزين العراقي: «وتقييد المسح بالحصباء غالب؛ لكونه كان فراش مساجدهم، وأيضًا هو مفهوم لقب، فلا يدل تعليق الحكم به على نفيه من غيره من كل ما يصلى عليه من نحو رمل، وتراب، وطين».
وفي حاشية السندي على ابن ماجه (١/ ٣٢٠): «قوله: (فلا يمسح الحصى) أي فلا يعرض عن الصلاة بأدنى شيء، فإنه يقطع عنه الرحمة المسببة عن الإقبال على الصلاة، والله أعلم».
وقال العيني في عمدة القارئ (٧/ ٢٨٥): «ألا يشتغل خاطره بشيء يلهيه عن الرحمة المواجهة له فيفوته حظه، وفي معنى مسح الحصى: مسح الجبهة من التراب والطين … ».
وقد ذكر العلماء الحكمة من كراهية مسح الحصى،: فقيل: من أجل المحافظة على الخشوع، أو حتى لا يكثر العمل في الصلاة -ولا تنافي بينهما فإنه إذا كثر العمل ذهب الخشوع- أو لئلا يجعل بينه وبين الرحمة التي تواجهه حائلًا، أو لأن كل حصاة تحب أن يسجد عليها، وبعضهم أدخل في ذلك العضو الساجد، فينهى عن مسح التراب عن جبينه، انظر فتح الباري (٣/ ٧٩).
وأيًّا كان المعنى، في تفسير قوله (فإن الرحمة تواجهه) إن صح ذلك، فهو لا يفيد أكثر من صحة معنى قوله: (فإن الرحمة تواجهه)، وصحة المعنى لا تفيد سلامة هذا اللفظ من النكارة أو الشذوذ، فهذا التعليل لا يعرف في أحاديث النهي عن مسح الحصى إلا من رواية أبي الأحوص عن أبي ذر، ولو كانت صحة المعنى يلزم منها ثبوت اللفظ لكان كل لفظ شاذ، قبل الحكم بنكارته أو شذوذه ننظر إلى صحة معناه، فكل ما صح معناه حكمنا بصحته ولو تفرد أو خالف، وهذا مخالف لمنهج الأئمة في التصحيح والتضعيف، فزيادة هذا الحرف من أبي الأحوص قد اشتمل على علتين: التفرد، والمخالفة بصرف النظر عن صحة المعنى.
أما التفرد فظاهر. وأما المخالفة فسوف أتكلم عليها في العلة الثالثة إن شاء الله تعالى.
العلة الثالثة: حديث أبي الأحوص، عن أبي ذر جاء فيه النهي عن مسح الحصى مطلقًا.
وقد رواه عبد الرحمن بن أبي ليلى، ومجاهد عن أبي ذر في ذكر الرخصة بالمسحة الواحدة، وهذان الطريقان وإن كان فيهما ضعف إلى أبي ذر، إلا أنهما متفقتان مع حديث معيقيب في الصحيحين، من قوله : (إن كنت فاعلًا فواحدة) وسبق تخريجه، وما وافق الصحيحين مرجح على ما خالفهما، قال ابن رجب في شرح البخاري (٩/ ٣٢٦): «زعم أبو بكر الأثرم أن الرخصة في المرة الواحدة ناسخة للنهي المطلق في حديث أبي ذر».
وهذا يسلم لو كان حديث أبي ذر صحيحًا في النهي المطلق، ولم يختلف عليه في الإذن =

<<  <  ج: ص:  >  >>