قال ابن عدي تعليقًا: وهذا الذي قاله علي بن المديني هو كما قال: إنما أنكرت على أبي زهير هذا أحاديث يرويها عن الأعمش، لا يتابعه الثقات عليها، وله عن غير الأعمش غرائب، وهو من جملة الضعفاء الذين يكتب حديثهم. فكلام ابن المديني تفرد بنقله الكديمي، وهو متروك، ولا حجة فيما نقل، وإن كان ظاهر عبارة ابن المديني تضعيفه مطلقًا لو ثبت ذلك عنه، وإنما المعتبر كلام ابن عدي، وهي تدل على الضعف المطلق، لقوله: وهو من جملة الضعفاء الذين يكتب حديثهم. يعني للاعتبار. وقال أبو أحمد الحاكم: حدث بأحاديث لم يتابع عليها، وهذه توافق ما قاله ابن عدي: وله عن غير الأعمش غرائب. وقال الساجي: من أهل الصدق فيه ضعف. وقال أبو زرعة، كما في الجرح والتعديل (٥/ ٢٩١): صدوق. وقال وكيع: طلب الحديث قبلنا، وبعدنا. المرجع السابق. ووثقه الخليلي. وقال الذهبي: لا بأس به. فإذا خالف ابن مغراء الحسن بن صالح، كان المقدم رواية الحسن بن صالح بلا تردد. العلة الثانية: التفرد، وهي علة أخرى غير المخالفة، فلا يعرف حديث مرفوع عن المحاريب غير هذا الحديث، وقد تفرد به عبد الرحمن بن مغراء، ولا يحتمل تفرده، وقد أشرت سابقًا إلى أن التفرد علة بشرطين: الأول: أن يتفرد عن إمام من الأئمة، ما لا يعرفه أصحابه المشهورون، كما لو روى رجل حديثًا عن الزهري، وهو ليس من أصحابه المعروفين بالرواية عنه، فلا يقبل منه تفرده؛ إذ لو كان ذلك من حديثه لما غاب عن أصحابه المهتمين بحديثه. الثاني: أن يتفرد بأصل، لولا حديثه هذا لم يثبت ذلك الأصل. وهذا الحديث منها، فلا يعلم حديث مرفوع ينهى عن المحاريب إلا في هذا الإسناد، وقوله: (اتقوا هذه المذابح .... ). إن حملت العبارة على المحاريب المعهودة، فإن قوله: (هذه المذابح) اسم الإشارة للقريب، فكأنه يشير إلى محاريب قائمة، ولم تعرف المحاريب في عصر الوحي، ولا في عصر الخلفاء الراشدين، وقد ذكر الواقدي عن محمد بن هلال: أن أول ما حدثت المحاريب في زمن عمر بن عبد العزيز، انظر: سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد، تأليف محمد بن يوسف الشامي. وقال السيوطي: إنه حدث في آخر المائة الثانية، وهو خطأ أو وهم، ولعله يقصد آخر المائة الأولى، في عهد عمر بن عبد العزيز، وسوف أتكلم على تاريخ ظهور المحاريب إن شاء الله =