للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

قراءة ونحوها، وإذا كان الإخلال بالفرائض يبطل الصلاة، ولو لم يدافع الأخبثين، فمعه كذلك، ووجب عليه إعادة الصلاة في الوقت وبعده.

قال القاضي عياض: «كلهم مجمعون: أن من بلغ به ما لا يعقل به صلاته، ولا يضبط حدودها أنه لا تجزئه، ولا يحل له الدخول كذلك في الصلاة، وأنه يقطع الصلاة إن أصابه ذلك فيها» (١).

• ونوقش هذا:

بأن دخوله في الصلاة وهو يدافع الأخبثين، إما أن يؤدي إلى الإخلال بفرائض الصلاة أو لا:

فإن أدى إلى ذلك حرم الدخول في الصلاة في هذه الحال من حيث الحكم التكليفي.

فإن دخل في الصلاة واختل فرض من فرائضها فسدت الصلاة لذلك الاختلال، لا بمدافعة الأخبثين، كما لو اختل هذا الفرض بلا مدافعته لهما.

وإن لم يُؤَدِّ ذلك إلى الإخلال بفرائضها فصلاته مكروهة.

وقول القاضي عياض: «إن بلغ به ما لا يعقل صلاته ولا يضبط حدودها: إن أراد بذلك الشك في شيء من الأركان، فحكمه حكم من شك في ذلك بغير هذا السبب، وله العمل على غلبة الظن، فإن لم يوجد بنى على اليقين.

وإن أراد به أنه يذهب الخشوع بالكلية فحكمه حكم من صلى بغير خشوع، وتقدم الكلام على حكمه» (٢).

والخشوع في الصلاة إن كان المراد به سكون الجوارح؛ لأن حركة الجوارح تخالف الخشوع، وقد قال تعالى: ﴿وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ [فصلت: ٣٩]. فجعل حركتها في مقابل خشوعها، فهذا لا تأثير لمدافعة الأخبثين أو حضور الطعام عليها، فيمكن للمصلي أن يحافظ على جوارحه ساكنة، وإن كان يدافع الأخبثين، أو يتشوف إلى الطعام، وحركة الجوارح لا تبطل الصلاة ما لم يكثر ذلك في صلاته حتى يخرج عن هيئة المصلي.

وإن كان المقصود بالخشوع حضور القلب، فهذا مختلف في وجوبه، والأكثر على


(١) إكمال المعلم بفوائد مسلم (٢/ ٤٩٥).
(٢) انظر إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام (١/ ١٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>