للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فإن أَذْهَبَتْ المدافعة كمالَهُ فالصلاة صحيحة مع الكراهة؛ لأن كمال الخشوع ليس بواجب، وفواته لا يؤثر على صحة الصلاة، وهذه قرينة صالحة لصرف النهي من التحريم إلى الكراهة.

وإن أذهبت المدافعة الخشوع بالكلية، كان الحكم بصحة الصلاة حكم الصلاة إذا فاته خشوع القلب، وفي وجوبه خلاف:

فمن قال إن خشوع القلب ليس بواجب؛ لأن الصلاة لا تنفك من وسوسة (١)، ذهب إلى القول بكراهة الصلاة مع مدافعة الأخبثين مع القول بصحتها.

ولأن المصلي لو ترك الخشوع عمدًا لم تفسد صلاته إذا عقل ما صلى فأَدَّاها بحدودها من ركوع وسجود وسائر فرائضها؛ وإن نقص من ثوابها بقدر فواته.

ولأن الرسول إذ نظر إلى أعلام خميصة أبي جهم واشتغل بها لم يعد صلاته، وهذا مذهب الأئمة الأربعة (٢).

ومن قال بوجوب الخشوع فقد اختلفوا على قولين في إبطال الصلاة بفواته بسبب المدافعة تبعًا لاختلافهم في ترك الواجب عمدًا، أتفسد الصلاة بتركه أم تصح مع الإثم؛ الظاهر الثاني على القول بوجوب الخشوع، لأنه إذا تركه سهوًا لم يحفظ جبره بسجود السهو، فكذلك لا تبطل بتركه عمدًا، وإن كان آثمًا بحسب هذا القول، وإذا قلنا بوجوب الخشوع، فهل هو واجب واحد لا يحكم بتركه حتى يذهب بالكلية، أو كل جزء منه واجب حتى يخرج من الصلاة، كل هذا يدل على ضعف منزع القول بوجوب الخشوع، والله أعلم.

• دليل من قال: إن شغله حتى لا يدري ما يقول أعاد الصلاة مطلقًا:

إذا شغله ذلك حتى لا يدري ما يقول عاد ذلك بالنقص على فرائض الصلاة من


(١) لما رواه البخاري (٦٠٨)، ومسلم (١٩ - ٣٨٩) من طريق أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، أن رسول الله قال: إذا نودي للصلاة أدبر الشيطان، وله ضراط، حتى لا يسمع التأذين، فإذا قضى النداء أقبل، حتى إذا ثوب بالصلاة أدبر، حتى إذا قضى التثويب أقبل، حتى يخطر بين المرء ونفسه، يقول: اذكر كذا، اذكر كذا، لما لم يكن يذكر حتى يظل الرجل لا يدري كم صلى.
(٢) انظر: التمهيد (٢٠/ ١٠٩)، الإعلام بفوائد عمدة الأحكام (٢/ ٣٠٣)، إحكام الأحكام بشرح عمدة الأحكام (١/ ١٨٠)، الإحكام شرح أصول الأحكام لابن قاسم (١/ ١٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>