للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وفيه قول ثان في المذهب بتحريم التشبه (١)، ونصره ابن تيمية، ورجحه شيخنا احتجاجًا بحديث: (من تشبه بقوم فهو منهم)، والحديث حكم عليه أبو زرعة ودحيم بالإرسال، وسبق تخريجه.

هذا فيما يتعلق بمذهب الحنابلة.

وأما مذهب الشافعية، فقد تكلم العراقي في طرح التثريب في علة النهي عن المياثر، فذكر منها التشبه بعظماء الفرس في ذلك الوقت، قال: «فلما لم يصر شعارًا لهم، وزال ذلك المعنى زالت الكراهة» (٢).

وقال ابن حجر من خلال مناقشة علة تحريم الأكل في أواني الذهب والفضة، قال في الفتح: «وقيل العلة في المنع التشبه بالأعاجم، وفي ذلك نظر؛ لثبوت الوعيد لفاعله، ومجرد التشبه لا يصل إلى ذلك» (٣).

فصار الجمهور يرون أن علة التشبه الأصل فيها الكراهة التنزيهية، ولا تبلغ التحريم إلا بقرينة، فقد يبلغ بالمتشبه الوقوع في الشرك والكفر، وقد يقصر عن الكراهة، فيعبر عنه بخلاف الأولى، كالصلاة في النعل. والمتيقن الكراهة فيما نهي عنه بخصوصه منصوصًا على علته؛ لأن الناس قد يمنعون من بعض الأمور التي لم يثبت نص بالنهي عنها بعلة التشبه، وعند التحقق لا يوجد نهي عنها فضلًا أن يثبت التشبه.

• دليل من قال: إذا كان الثوب الذي فيه صورة شعارًا لم تصح وإلا صحت:

لعله يرى أن الشعار مما يلي الجسد هو الذي تحقق به ستر العورة، فكان الثوب الآخر زائدًا عن مقدار السترة الواجبة، فلا حكم له.

• دليل من قال: إذا استترت بثوب آخر صحت صلاته، وإلا فلا:

هذا القول يرى أن الصورة إذا كانت مستترة بثوب آخر أصبحت في حكم المعدوم، فلا تأثير لها في صحة الصلاة.


(١) قال في الإنصاف (١/ ٤٧١): «يكره التشبه بالنصارى في كل وقت. وقيل: يحرم التشبه بهم».
فجزم بالكراهة، وذكر التحريم بصيغة التمريض.
(٢) طرح التثريب (٣/ ٢٣١).
(٣) فتح الباري (١٠/ ٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>