للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الحرمة أو الكراهة؟ قولان، قاله السيوطي» (١).

فإن كان يقصد بالسيوطي جلال الدين، وهو الظاهر، أيكون هذا إشارة إلى وجود قول بالكراهة بالبصق في المسجد عند الحنابلة؟ فيه تأمل، والمنصوص في بعض كتب الحنابلة قولان:

أحدهما: جواز البصق إذا قصد الباصق الدفن ابتداء، وهذا اختيار القاضي أبي يعلى والمجد ابن تيمية (٢).

قال القاضي أبو يعلى في التعليق الكبير: «النبي جعل دفن النخامة كفارة لها، فإذا دفنها، صار كأنه لم يتنخم … وقد روى إسحاق - يعني ابن هانئ- قال: رأيت أحمد في الجامع يبزق في التراب، ويدفنه» (٣).

والثاني: التحريم، اختاره بعض الأصحاب، قال صاحب النظم نقلًا من الفروع: «وكيف يجوز فعل الخطيئة اعتمادًا على أنه يكفرها؟ ثم احتج بما يوجب حدًا، وقد يعالج أو ينسى، كذا قال.

ومن يجوِّز هذا يقول: إنما يكون خطيئة إذا لم يقصد تكفيرها، فلا تعارض» (٤).

وجاء في بغية أولي النهى في شرح غاية المنتهى: «قال بعضهم -يعني الأصحاب-: فإن قصد الباصق الدفن ابتداء، فلا إثم عليه إذا بصق، وفيه نظر» (٥).

فقوله: (وفيه نظر) إشارة إلى ترجيح التحريم بإثبات الإثم مع حكاية القول بالجواز.

وقيل: يكره البصاق في المسجد، وهو ظاهر عبارة محمد بن الحسن، واختاره جماعة من الشافعية.

قال محمد بن الحسن: «ينبغي له ألا يبصق تلقاء وجهه، ولا عن يمينه، وليبصق


(١) شرح منتهى الإرادات (١/ ٢١٣).
(٢) الإنصاف (٢/ ١٠٢).
(٣) التعليق الكبير (٢/ ٤٦١).
(٤) الفروع (٢/ ٢٦٦).
(٥) بغية أولي النهى (١/ ٢٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>