كما أطلق الكراهة ابن مفلح في الفروع (٢/ ٢٧٤)، والبهوتي في الروض المربع (ص: ٩٥)، وفي المنور في راجح المحرر (ص: ١٧٠). وقيد بعض الحنفية والحنابلة الكراهة إذا كان ذلك بلا حاجة، فإن احتاج إلى تغميض عينيه خوفًا على خشوعه لم يكره. نص على ذلك ابن نجيم في البحر الرائق (٢/ ٢٧)، وابن عابدين في حاشيته (١/ ٦٤٥)، والشرنبلالي في مراقي الفلاح (ص: ١٣٠)، وصاحب نهر الفائق (١/ ٢٨٢)، ومجمع الأنهر (١/ ١٢٤)، وصاحب الإقناع من الحنابلة (١/ ١٢٧)، وصاحب غاية المنتهى (١/ ١٧٧). قال في الدر المختار (ص: ٨٨): «وتغميض عينيه للنهي إلا لكمال الخشوع». فعلق على ذلك ابن عابدين في حاشيته (١/ ٦٤٥) فقال: «(إلا لكمال الخشوع) بأن خاف فوت الخشوع بسبب رؤية ما يفرق الخاطر فلا يكره، بل قال بعض العلماء: إنه الأولى، وليس ببعيد». وقال الحجاوي في الإقناع: «فصل: يكره في الصلاة التفات يسير بلا حاجة .... وتغميضه بلا حاجة، كخوفه محذورًا مثل أن رأى أمته عريانة، أو زوجته، أو أجنبية بطريق الأولى». وقال في غاية المنتهى (١/ ١٧٧): «وتغميضه بلا حاجة، كخوف نظر عورة». فهذا الاختلاف في إطلاق بعضهم الكراهة، وتقييد بعضهم الكراهة إن فعل ذلك بلا حاجة، أهذا التفصيل يرجع إلى قولين في المسألة، اختلف فيهما الحنفية كما اختلف فيه صاحب المنتهى مع صاحب الإقناع من الحنابلة، أم هما قول واحد، اختصره بعضهم، وفصله البعض؟ الراجح -والله أعلم- الثاني باعتبار أن كل مكروه تبيحه الحاجة، فلم ير من أطلق أنه بحاجة إلى تقييد ذلك لكونه معروفًا، ولهذا لم أجعل مثل هذا الاختلاف في المتن أنه راجع إلى قولين، بل إلى قول واحد، ونبهت عليه في الحاشية لمن يريد أن يتأمل، أو يستدرك. ولم يختلف المالكية في تقييد الكراهة في حال خوف فوات الخشوع، أو النظر إلى محرم، انظر: حاشية الدسوقي (١/ ٢٥٤)، الشرح الصغير (١/ ٣٤٠)، منح الجليل (١/ ٢٧١)، لوامع الدرر في هتك أستار المختصر (٢/ ١٧٥)، شرح الخرشي (١/ ٢٩٣)، مواهب الجليل (١/ ٥٥٠)، شرح الزرقاني على خليل (١/ ٣٨٧). (١) روى عبد الرزاق بالمصنف (٣٢٦٤)، عن معمر، عن أيوب، عن ابن سيرين، قال: كان الرجل إذا لم يبصر كذا وكذا يؤمر أن يغمض عينيه. فيقصد: إذا لم يبصر كذا وكذا: أي موضع سجوده. فقد رواه عبد الرزاق في المصنف (٣٣٣٠) عن معمر، عن أيوب، عن ابن سيرين، قال: كان يؤمر إذا كان يكثر الالتفات في الصلاة فليغمض عينيه.