للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

القبلة لم ينفعه» (١).


(١) ظاهر قول ابن القاسم في المدونة أن الالتفات لا يبطل الصلاة، ولو كان بجميع جسده،
جاء في المدونة (١/ ١٩٦): سئل مالك، عمن التفت في الصلاة أيكون ذلك قاطعًا لصلاته؟ قال: لا ..... قلت لابن القاسم: فإن التفت بجميع جسده؟ فقال: لم أسأل مالكًا عن ذلك، وذلك كله سواء».
واختصر ذلك البراذعي في تهذيب المدونة (١/ ٢٧٧)، فقال: «ولا يلتفت المصلي، فإن فعل لم يقطع ذلك صلاته، وإن كان بجميع جسده».
فسر ذلك في جامع الأمهات (ص: ١٠٢): «والتفاته بجميع جسده مغتفر إلا أن يستدبر القبلة».
وقال خليل في التوضيح (١/ ٣٩٤): قوله: (ولو بجميع جسده) مقيد بما إذا لم ينقل رجليه، وإلا لم يكن مستقبلًا.
فدل على أن المقصود بجميع جسده إلا رجليه، ولأنه لو التفت بجميع بدنه حتى رجليه لم يستقبل القبلة، وهذا مبطل بالإجماع إلا من عذر، وقد حكاه ابن مفلح إجماعًا.
ولهذا قال القرافي في الذخيرة (٢/ ١٤٩): «وقال ابن القاسم في الكتاب إن التفت بجميع جسده لم أسأل ملكا عنه وذلك كله سواء يعني لأن رجليه مع نصفه الأول يكون مستقبلًا فهو مستقبل عادة».
فكانت عبارة ابن القاسم في المدونة موهمة أن الالتفات بجميع بدنه لا يضر.
ولهذا ابن مفلح الحنبلي في الفروع وهو ينقل خلاف الأئمة، قال: (٢/ ٢٧٤): وتبطل … إن استدار بجملته خلافًا لمالك فقط، لا بصدره مع وجهه … وذكر جماعة: أو بصدره وفاقًا لأبي حنيفة والشافعي. قال بعض المالكية: ما لم يحول رجليه عن جهة القبلة».
فجعل الاستدارة بجملته، غير الاستدارة بجملته إلا رجليه، والأول نسبه لمالك، وهو في الحقيقة قول ابن القاسم، ونسب الثاني لبعض المالكية.
وانظر: الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي (١/ ٢٥٣)، مواهب الجليل (١/ ٥٤٩)، لوامع الدرر (٢/ ١٧٢)، حاشية الصاوي (١/ ٣٤٠).
وقال ابن قدامة في المغني (٢/ ٨): «ولا تبطل الصلاة بالالتفات إلا أن يستدير بجملته عن القبلة، أو يستدبر القبلة».
وانظر في مذهب الحنابلة: الفروع (٢/ ٢٧٤)، الإنصاف (٢/ ٩١)، شرح منتهى الإرادات (١/ ٢٠٧)، المبدع (١/ ٤٢٤)، الإقناع (١/ ١٢٧)، المغني (٢/ ٧).
وقال ابن الهمام في فتح القدير (١/ ٤١٠): «ولو انحرف بجميع بدنه فسدت، فبعضه يكره كالعمل الكثير يفسد، فالقليل يكره».
وانظر قول الحسن البصري وأبي ثور في الإشراف على مذاهب العلماء لابن المنذر (٢/ ١٣)، الأوسط لابن المنذر (٣/ ٩٧)، فتح الباري لابن رجب (٦/ ٤٤٨).
وقال ابن المنذر في الأوسط (٣/ ٩٧): إذا التفت حتى استدبر القبلة، وهو ذاكر لصلاته غير معذور في التفاته، أعاد صلاته».

<<  <  ج: ص:  >  >>