للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وقيل: الالتفات بالوجه والصدر مكروه إلا لحاجة، وهو مذهب المالكية والحنابلة.

فإن استدار بجملته بطلت صلاته عند الحنابلة، وهو اختيار ابن الهمام من الحنفية، وبه قال الحسن البصري وأبو ثور من الشافعية، قال ابن المنذر: والذي قاله الحسنُ حسنٌ.

وقال المالكية: «لو التفت بجميع جسده لم تبطل إلا أن يحول رجليه عن القبلة، وإذا استقبل برجليه جهة غير جهة القبلة كان تاركًا للتوجه، ولو حول وجهه إلى جهة


= وذكر الشلبي في حاشيته على تبيين الحقائق (١/ ١٦٣) أن الإبطال أليق بقول أبي يوسف ومحمد بن الحسن، أما على قول أبي حنيفة فينبغي ألا تفسد، بناء على أن الاستدبار إذا لم يكن على قصد الإصلاح يفسد عندهما، وعند أبي حنيفة: إذا لم يكن لقصد ترك الصلاة لا تفسد ما دام في المسجد، أصله فيمن انصرف عن القبلة على ظن أنه أتم صلاته، ثم تبين أنها لم تتم عند أبي حنيفة يبني ما دام في المسجد وعندهما لا يبني.
قال ابن نجيم في البحر الرائق (١/ ٣٩٤): «وقد فهم بعضهم من هذا كما ذكره في التَّجْنِيس: أن المصلي إذا حول صدره عن القبلة لا تفسد صلاته، وأن القول بفسادها أليق بقولهما، وليس بشيء؛ لأن أبا حنفية إنما قال بعدم فساد صلاته عند عدم الخروج لأجل أنه معذور بتوهم الحدث، وأما من حول صدره عن القبلة فهو متمرد عاصٍ، لا يستحق التخفيف، فالقول بالفساد أليق بقول الكل كما لا يخفى».
وإبطال الصلاة بتحويل الصدر عند الحنفية لابد من تقييده بعدم العذر كما في منية المصلي؛ لتصريحهم كما سبق بأنه لو ظن أنه أحدث، فاستدبر القبلة، ثم علم أنه لم يحدث قبل الخروج من المسجد لا تبطل.
ومقتضى القواعد المذهبية: اشتراط أن يؤدي ركنًا، وهو مستدبر؛ لما صرحوا به من أن انكشاف العورة إنما يفسدها إذا لم يستتر من ساعته حتى أدَّى ركنًا، أما إذا سترها قبل أداء الركن فلا، فكذا استقبال القبلة بجامع الشرطية.
وهل المراد: أداء الركن حقيقة، وهو قول محمد بن الحسن، أو المراد قدر أداء الركن وهو قول أبي يوسف.
وقدر بعض الحنفية مقدار ما يؤدي فيه الركن مع سنته ثلاث تسبيحات، قال ابن عابدين في حاشيته (١/ ٤٠٨): «وكأنه قيد بذلك حملًا للركن على القصير منه للاحتياط». اه
انظر البحث في المجلد الرابع، تحت عنوان: إذا صلى مكشوف العورة من غير قصد.
وانظر في مسألة الالتفات: البحر الرائق (٢/ ٢٣)، تبيين الحقائق (١/ ١٦٣)، الجوهرة النيرة (١/ ٦٣)، مجمع الأنهر (١/ ١٢٣)، درر الحكام شرح غرر الأحكام (١/ ١٠٧)، الإنصاف (٢/ ٩١)، المبدع (١/ ٤٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>