للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= وإلى الإمام علي بن المديني.
وقال في الاستذكار (٢/ ٢٨١): «وأما أحمد بن حنبل وعلي بن المديني فكانا يصححان هذا الحديث».
والذي جعل ابن عبد البر يعتقد أن الإمام أحمد قد صحح الحديث كونه أخذ به وعمل بمقتضاه، والأخذ بالحديث لا يعني صحته في نفسه ما لم يصرح المحدث بأنه صحيح، فالإمام أحمد كثيرًا ما يضعف أحاديث باب من الأبواب، ولا يمنعه ذلك من العمل بها، كأحاديث التسمية في الوضوء في إحدى الروايتين عنه، وقد يكون الإمام أحمد أخذ به من جهة الآثار، لا من جهة الحديث المسند، وكم من حديث ضعيف في الترمذي، ويصرح الترمذي بأن العمل عليه، ولا يعني كون العمل عليه أن يكون صحيحًا في نفسه، وأقربها عندي حديث: (الماء طهور لا ينجسه شيء إلا ما غلب على طعمه ولونه وريحه) فالاستثناء لا يثبت من جهة الحديث، والعمل عليه.
ونقلت فيما سبق أن الخلال نقل عن الإمام أحمد في العلل أنه قال: حديث الخط ضعيف. إكمال تهذيب الكمال (٤/ ٤٤)، شرح ابن ماجه كلاهما لمغلطاي (ص: ١٥٨٧)، تهذيب التهذيب (١٢/ ١٨١).
وقال ابن رجب في الفتح (٤/ ٤٠): «وأحمد لم يُعرف عنه التصريح بصحته، إنما مذهبه العمل بالخط، وقد يكون اعتمد على الآثار الموقوفة، لا على الحديث المرفوع؛ فإنه قال في رواية ابن القاسم: الحديث في الخط ضعيف».
وأما ما ذكره عن علي بن المديني أنه قد صحح الحديث، فلم ينقله عنه مسندًا، وهو خلاف ما صرح به علي بن المديني، فقد روى البيهقي في السنن عن علي بن المديني أنه قال: قلت لسفيان: إنهم يختلفون فيه، فبعضهم يقول: أبو عمرو بن محمد، وبعضهم يقول: أبو محمد بن عمرو … إلخ. وهذا فيه إشارة إلى ضعفه.
ونقل علي بن المديني عن شيخه سفيان أنه قال: لم نجد شيئًا نشد به هذا الحديث، ولم يجئ إلا من هذا الوجه كما نقل أيضًا عن سفيان أنه قال: قدم رجل بعد ما مات إسماعيل فطلب هذا الشيخ أبا محمد حتى وجده، فسأله عنه، فخلطه عليه، وكان إسماعيل إذا حدث بهذا الحديث يقول: عندكم شيء تشدونه به. فهذه ثلاث نقولات في تضعيف الحديث، ينقلها علي بن المديني عن شيخه سفيان: أحدها من قول سفيان نفسه، والثاني، من قول إسماعيل بن أمية، والثالث: عن تخليط أبي محمد بن عمرو في هذا الحديث، ثم لا يعترض عليها علي بن المديني بشيء، ألا يفهم من ذلك إقرار علي بن المديني لشيخه على تضعيف الحديث، ولو صححه الإمام علي بن المديني لحفظ ذلك عنه تلاميذه، ونقلوه.
أما تصحيح ابن حبان وشيخه ابن خزيمة فهو شاهد على تساهلهما في التصحيح، عليهما رحمة الله. والله أعلم.
وله طريق آخر عن أبي هريرة، رواه أيوب بن موسى، واختلف عليه: =

<<  <  ج: ص:  >  >>