بسقوط الدفع، وليس باستحباب الدفع، فلما استحب الدفع فذلك يعني تقديمه على مصلحة الخشوع، فلم يكن التعليل وصفًا مطابقًا للحكم.
فلنفرض أن واجب الخشوع زاحم واجب الدفع، فقدم الشارع واجب الدفع، فنهاه أن يدع المار يمر بين يديه، وأمره بدفعه قدر استطاعته فهذا نص في تقديم الدفع على مصلحة الخشوع.
فإذا كان الدفع مطلوبًا إما على الوجوب كما هو ظاهر الأمر، وإما على الاستحباب كما هو قول الجمهور لم يصح أن يقال: تعارض الإنكار مع مصلحة الخشوع في الصلاة، فإذا بقي المصلي مطالبًا بالدفع كان حمله على الوجوب أولى من حمله على الاستحباب، نعم إذا تعارضا يجعل الدفع محرمًا كما لو أفضت المدافعة إلى فساد الصلاة؛ لأن مفسدة المرور أخف من بطلان الصلاة، إلا أن الدفع عمل قليل لا يفسد الصلاة، فلا يتعارض مع مصلحة الصلاة.
الوجه الثاني:
الدفع لا يذهب الخشوع؛ لأن الخشوع في جميع الصلاة عمل واحد لا يتجزأ، وإنما يُؤَثِّر العمل الأجنبي في الخشوع إذا فوت الخشوع بالكلية أو فوت أكثره، أما ذهاب قدر يسير منه لمصلحة الصلاة فلا يصح القول عنه بأن الدفع يذهب الخشوع، ولهذا أمر الشارع المصلي بقتل الحية والعقرب في الصلاة، وهو حين يشتغل بذلك قد فات قدر يسير من الخشوع، فلم يؤثر ذلك على صلاته، فكذلك كل عمل قليل يحتاج إليه لا يقدح في خشوع الصلاة.
ولأن فوات مثل هذا القدر اليسير من الخشوع جاء امتثالًا لأمر الشارع بدفع المار فلا يقدح ألبتة في عمل الصلاة.
ولأن فوات مثل هذا المقدار من الخشوع قد يفوت على المصلي غفلة وسهوًا، ولا يؤثر على صحة صلاته، وإن كان قد ينقص من أجرها إذا كان متعمدًا، فكيف إذا كان فوات مثل ذلك جاء امتثالًا للأمر الشرعي بالمدافعة.
الوجه الثالث:
الأئمة الأربعة على استحباب خشوع القلب في الصلاة، وحكي إجماعًا،