للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

تأويل المقاتلة: بالدفع اللطيف، لقوله: (وليدرأه ما استطاع)، انظر تخريجه بعد قليل.

فأمر أن يكون الدفع بحدود الاستطاعة، وكون المقاتلة لا تكون بالسيف لا يعني المنع من الدفع بما دونها من قوة وشدة بالقدر الذي لا يتمكن معه المار من المرور بين يدي المصلي، كما فعل أبو سعيد الخدري ، وهو تطبيق عملي للحديث.

وقوله: (وليدرأه ما استطاع) يؤخذ منها حكمان:

أحدهما: أن يغلبه على المرور، فلا إثم عليه، لأن قوله: (فليدرأه ما استطاع) مفهومه أنه إذا لم يستطع سقط الدفع، ولأن جميع التكاليف مقيدة بالاستطاعة.

الثاني: أن يخشى على صلاته من البطلان، فحينئذ يتركه لأن الصلاة غاية، والمحافظة عليها أولى من المحافظة على بعض واجباتها، خاصة إذا كان هذا الواجب لها، وليس فيها، وما عدا ذلك فإنه يجب عليه دفعه.

وأما القول بأنه لمَّا ضمن الدافع ما يحصل من تلف بالمدافعة كان ذلك دليلًا على عدم الإذن بدفعه دفعًا شديدًا.

فهذه مسألة خلافية، والضمان وعدمه كان راجعًا للاختلاف في تفسير قوله: (فليقاتله) أهو إذن بالدفع بشدة، أم لا؟

فمن قال: يدفعه بشدة قالوا: دمه هدر إذا لم يقصد قتله، كالشافعية والحنابلة، وأحد القولين عند المالكية، وقال به ابن حزم من الظاهرية (١).

قال ابن تيمية كما في مطالب أولي النهى: «فإن مات من ذلك -أي من الدفع- فدمه هدر» (٢).

قال البهوتي في كشاف القناع: «لأنه تسبب عن فعل مأذون فيه شرعًا، أشبه من مات في الحد» (٣).


(١) إكمال المعلم (٢/ ٤١٩)، شرح الزرقاني على الموطأ (١/ ٥٣٤)، المجموع (٣/ ٢٤٩)، تحفة المحتاج (٢/ ١٦٠)، شرح النووي على صحيح مسلم (٤/ ٢٢٣)، كشاف القناع (١/ ٣٧٥)، مطالب أولي النهى (١/ ٤٨٣)، المحلى (٢/ ١٣١).
(٢) مطالب أولي النهى (١/ ٤٨٣).
(٣) كشاف القناع (١/ ٣٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>